رسمي محاسنة: صوت العرب – الاردن.
يقول احد المفكرين "ان الفن الرديء هو خيانة للجماهير"،ويمكن ان نضيف عليها انه خيانة للفن نفسه ايضا، وخيانة لمسؤولية الفنان تجاه نفسه وتجاه فنه وتجاه الجمهور(هذا اذا كان فنانا حقيقيا وخانته الظروف بان وقع في سقطة فنية)،وهذا يقودنا الى الدراما التلفزيونية الاردنية،التي تعيش حالة من الغيبوبة،ويتصدرها مايسمى ب"الكوميديا"،في ثلاثة اعمال، هي اقرب للتهريج والسذاجة .
ان ماتم بثه هذا العام في رمضان، يستحق وقفة بحيث ان تسمى الاشياء باسمائها، بعيدا عن النفاق والدجل والمجاملات الزائفة.وقفة تتساءل عن مفهوم الكوميديا ،الذي اصبح مكرسا تحت عنوان التهريج الذي لايحترم عقل ولا ذائقة المشاهد،بدءا من النصوص المكتوبة، التي هي بداية الرداءة، وضحالة الفكر،كتابة تفتقر للحد الادنى من اصول الكتابة الدرامية،سواء من حيث المضمون، او البناء الدرامي للشخصيات ،والاحداث،هذه الاوراق المكتوبة مكانها الحقيقي في سلة المهملات وليس "لوكيشن" التصوير.
وتكتمل المهزله عندما تقع هذه الاوراق بيد مخرج غير موهوب هو الاخر، وليس لديه القدرة على تقديم معادل بصري، او تقديم مقترحات جمالية وفكرية،ويظبط ايقاع العمل،وبالتالي هو جاء برغبته وبموهبته المحدودة،،ليكون تحت سطوة الممثل ، او المنتج، وتكون النتيجة هذا الهراء الذي شاهدناه.
ان هذه المقدمات"النص والاخراج"، تنعكس حكما على بقية عناصر العمل الدرامي،وفي مقدمته "الاداء التمثيلي"، ويذكرني هذا الاداء في الاعمال الثلاث"وطن على وتر، ومجمع السعادة، وجلطة"،بمقولة للفنان" بابلو بيكاسو"( ان تقليدك للاخرين ضروري..اما تقليدك لنفسك فهو امر مثير للشفقة).، حيث الاداء الساذج والبليد والمقرف،ل"عماد فراجين"،والذي لايمت بصلة لاي شكل من اشكال التمثيل، اضافة الى تفاهة المضمون الذي اصبح مدار استغراب الجمهور، بالاصرار على تقديم مثل هذه "النفايات الدرامية.
ونسأل "حسين طبيشات"،ماذا وجدت في هذه الشخصية التي تم رسمها لك في هذا العمل المفكك؟ ولماذا الاصرار على تقديم الشخصية الاردنية بهذا الشكل؟فالاردنيون عندما قبلوا ان يكونوا "حرسا" على ابواب المولات،والشركات والفنادق،كان بسبب ضيق العيش الذي فرض على الاردنيين، والاصرار على تهميشهم وتجويعهم من قبل طبقة فاسدة من المسؤولين الذين تحالفوا مع التجار، نهبوا هم وابنائهم خيرات الاردن ،وسرقوا مستقبل ابنائنا، لكنهم ليسوا بهذه "السماجة" من السلوك التي قدمها العمل.
اما مسلسل"جلطة"، فانه يصلح كعنوان لتوصيف حالة الدراما التلفزيونية الاردنية،الغائبة المغيبة، وهذا المسلسل تجتمع فيه كل عناصر الضعف، بدءا من النص، حيث التكرار والاجترار، وغياب الفكرة،وتشظي البناء الدرامي، فالعمل يزعم انه يطرح قضايا اجتماعية،لكنه يفتقد الروح الحقيقية للكوميديا، سواء بالموقف او النكته،ويفقتقد العفوية والتلقائية،وخفة الظل، ويفتقد الى احترام عقل المشاهد.
فكما ان النص مسطح،والرؤية الاخراجية غائبة،ففي الاداء التمثيلي لم يعد مفهوما على الاطلاق، هذا المقترح من الاداء الذي تقدمه بطلة العمل"امل الدباس"،والذي اصبح مادة للتندر،فالاداء الصوتي بهذا الشكل غير لطيف على الاذن، وتكرار جمل بمناسبة وغير مناسبة دون ضرورة دراميةلدرجة الملل، وهذه اللهجة التي لا احد يعرف سبب الاصرار على تقديمها، وقد سالت الكثيرين،فكانت الاجابة بانه لم يعد احد يستخدم هذه اللهجة، والاهم من ذلك ان اللهجة واحدة من عناصر الهوية للعمل والشخصية، فاي هوية تمثلها هذه اللهجة؟.
اما اداء بطل العمل" زهير النوباني"، فهو اداء ثابت، واقرب الى "المونوتون"،اداء محايد، بدون اي جهد،لانه يتماهى مع النص والشكل العام للعمل الذي لايقول شيئا.
اما ضيوف العمل العرب، فان الفنانة"وفاء موصلي"،قد "سحبت" من رصيدها الفني بمشاركتها في جلطة، ولا جديد يقال عن الاداء الباهت ل"محمد خير الجراج".
ونحن نتحدث عن مايسمى بالكوميديا الاردنية، نتوقف ايضا عند " مشوح وملوح"،والذي في حلقته الاولى تفاءلت بانه يلعب على وتر التناقض بين من يتمسك بمنظومة القيم الجميلة، وبين جيل يحاول النزوع من طبقته الاجتماعية،بحجة الحداثة او التاثر بثقافات اخرى، لكن العمل كشف عن هزالة التنفيذ،لينظم الى قائمة السذاجة والارتجال السطحي.
موسم مكرر،بدون منافسة ولا حضور،نصوص بائسة وافكار غائبة،ورؤية ساذجة،ودوران مستمر في حلقة مفرغة.