ماراثون الدراما التلفزيونية الرمضانية: هل من جديد؟.
2023 ,22 آذار
دعاء مأمون: صوت العرب – الاردن.
باتت في كثير من الاعمال الدراميه التلفزيونية العربية المقدمه للمشاهد العربي في رمضان متشابهة الى الى حد كبير بل تكاد تكون متطابقة في  السرد، وبناء الشخصيات،الى جانب الاستنساخ عن الدراما العالمية. فالمعاناة التي يعيشها ابطال مسلسل ما، تتقارب مع  نفس المعاناة التي يعيشها ابطال مسلسل اخر يعرض في نفس الفترة.
يلجأ صناع الدراما العربية الرمضانيه الى لعبة الاستنساخ ،سواء من خلال اعادة قصص قدمتها مسلسلات وافلام لاقت نجاحًا ، فيتم اعادة صياغتها، وتقديمها من جديد بنفس الرؤيا الاخراجيه ونفس المعالجه الدراميه، تقريبا، باسلوب يفتقر الى العمق والحقيقه الواقعيه المعاشه .
ان هذا الشكل الذي يتم فيه التعامل مع الدراما التلفزيونية، يؤكد على عمق المشكلة،وتعبيرا صادقا عن مدى افلاس صنّاع الدراماالعربية،التي اصبحت ترتكز على اساسات رخوة ، واهية،ومليئًا بالاضطرابات والفوضى، ففي التاريخ القريب للدراما التلفزيونية، كان يتم تقديم اعمال تحترم ذائقة المشاهد العربي، فنيا وفكريا، وطرحت قضايا تهم المتلقي، من خلال الرسائل المحملة بها تلك الدراما، اجتماعيا وسياسيا، وحتى الدراما الكوميدية الترفيهية، كانت تحمل مقولة تصل للمشاهدة، محققة معادلة المتعة والفائدة.
ان عوامل جذب المشاهد متعددة، منها نجوم العمل،والمحطة او المنصة التي تبث العمل، او عملية الترويج الاعلاني والاعلامي، ويبقى الركن الاهم ، وهو مستوى العمل الدرامي، ومايحمله من مضامين، وان كانت هذه الاخيرة تراجعت في سلم اولويات المنتجين، الا في العدد القليل جدا من الاعمال.
وهذا يحيلنا الى الماضي القريب، عندما كان المشاهد العربي يلتف حول الشاشة، يتابع اعمالا ذات قيمة، سواء في الدراما المصرية،او السورية، وحتى الاردنية،وفي الذاكرة الكثير منها، مثل "ليالي الحلمية"، و"قال البحر"، و"الراية البيضا"،و"عصفور النار"،و"الشهد والدموع"،ومن الدراما الاردنية نستذكر مسلسل "ام الكروم" للمخرج سعود الفياض،الذي يمثل ايقونة الدراما التلفزيونية، وكذلك الدراما السورية بشقيها الاجتماعي والتاريخي.
ومابين الذاكرة القريبة، والواقع الحالي للدراما التلفزيونية، تزداد الفجوة عاما بعد اخر، وتبتعد عن الدور المأمول منها،حتى ان بعضها جنح نحو تجاوز منظومة القيم الروحية والاجتماعية، من خلال بعض المساسلات، سواء في الحوارات وماتتضمنه من حوارات خارجه، او بعض المشاهد، او اختيار اماكن التصوير، لاتتلائم والحالة الروحية للمشاهدين في رمضان.
ان حالة التواطؤ مابين غالبية المحطات الفضائية والمنتجين،وبعض "النجوم"،ادت بنا الى منتج يفتقد مقومات العمل الدرامي، حيث الطرح السطحي،وعدم احترام عقل وذائقة المشاهد،مبتعدة عن القضايا الحقيقية التي تهم المواطن العربي، رغم ان الوضع العربي حاليا، يشكل مادة دسمة للكاتب الواعي والمثقف، وللمنتج والفنان الذي يتعامل مع الفن من منطلق المسؤولية بتقديم مايليق بالعقل والذائقة الجمعية، لكن للاسف مازلنا محاصرين باعمال مستنسخة برداءة،او طروحات ساذجة،او المبالغة في تصوير الشخصيات سواء من حيث الشر والقسوة، او تصويرها بنقاء لامبرر له.ولكن ايضا وسط كل هذا الركام من "الصور"، هناك بعض الاعمال القليلة التي تستحق المشاهدة والتوقف عندها.
نحن على ابواب ماراثون درامي جديد..ونأمل ان نجد زيادة في منسوب الاعمال التلفزيونية الجادة...وكل عام وانتم بخير.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون