السعداوي في رمضان المسرح ..
2024 ,01 نيسان
الفنان عبدالله السعداوي.
يوسف الحمدان:صوت العرب – البحرين.
 
هكذا هو .. 
لا يهدأ له بال ولا تتنامى في رأسه أو في مخيلته خلية إلا إذا اعتمل في تجربة مسرحية .. 
هو في كل رمضان يستحث طاقته ليوقد بها طاقة أعضاء مسرح الصواري المتواجدين في المقر كل ليلة معه للتورط في تجربته، لا تعنيه كثيرا مؤسسات الاستقطاب السلبي التي تطفح بشراهة على سطح مناسبات كمناسبة رمضان في معطياته المغايرة الفاعلة المبدعة . 
إنه الفنان والمخرج الإشكالي عبدالله السعداوي والذي استحضِر بذكر هذه المناسبة الرمضانية تجربته البحثية العميقة في مسرحية القربان أو مأساة الحلاج ، أو أبو الحسين ابن المنصور ، حلاج الأسرار ، أبو عبدالله الزاهد ، المقيت المغيث ، المحير ، المميز ، المصطلم . 
السعداوي قرأ الحلاج للشاعر الكاتب المصري صلاح عبدالصبور ، وشغف به حد التصوف ، فراح يبحث فيه وعنه في بحور وطبقات الصوفية في مختلف الأديان والمذاهب والمعتقدات والأجناس ، عند المشايخ والأقطاب القدامى والمحدثين ، عند من يؤمنون بها وعند من يخرجون وخرجوا عليها .
قرأ الحلاج في بلاد فارس موطنه الأصلي ، وفي الهند حيث استغرق في الحكمة والسحر ، وفي مكة حيث انقطع إلى الزهد ، وفي البصرة وبغداد حيث أقطاب ومشايخ وعلماء الدين والفكر والصوفية ، وحيث لقي حتفه فيها جورا وظلما . 
 
والسعداوي طبعا لم يفته الإطلاع والاستغراق في كتاب الحلاج ( الطواسين ) ، الكتاب الوحيد الذي كما قيل قد عثر عليه ، ومحاولته عبر الإطلاع على مراجع كثيرة تحلل وتفكك رموزه وحروفه وألغازه ، بمعنى كيف قرأه أساتذته وتلاميذه أو مريديه ، ولعل أهم المراجع التي استحوذت على روح السعداوي كتاب ( فتوح الغيب ) لقطب الأقطاب الشيخ عبدالقادر الجيلاني ، ذلك الشيخ الذي ـ كما يقال ـ أفضل من رأى الحسين ابن منصور الحلاج . 
وفي شهر رمضان وقبله وما يليه ، أعد ويعد السعداوي خطته أو رؤيته الإخراجية للعرض مشتملة على تصوراته ورسوماته أو اسكتشاته الأولية ومراجع العرض وصور ورسوم جُمعت من بعض الكتب ترصد حياة ومأساة الحلاج ، يضع هذه الخطة الرؤية في ملف خاص بالحلاج ، هذا الملف يعرضه السعداوي على كل من يقع اختياره عليه للعمل معه حتى يستوعب بدقة رؤيته الخاصة بهذا العرض ، كما أنه يدفع ببعض المراجع الموجودة فيه أو القصاصات لبعض أصدقائه للإطلاع عليها ومن ثم محاورته فيها . 
وقد حدد السعداوي في رمضان ذلك العام ( فبراير1995 ) المؤدين الذين سيوزع عليهم هذه الأدوار وهم ( خالد الرويعي الذي قام بأداء دور الحلاج ، ووزع بقية الأدوار على بعض من يتدرب معه في ليالي رمضان ذلك العام ، من أمثال حسين الحليبي ومحمد حداد وسلمان العريبي وشيماء سبت وياسر القرمزي ومحمد مبارك ووليد حسين وعدد كبير من أفراد الجوقة والمساعدين والفنيين ومن بينهم السينوغراف الفنان محمد رضوان . 
ولا يكتفي السعداوي بتدريب فريقه في مقر المسرح ، بل إنه يحاول بدءا من رابع رمضان تكييفهم على بيئات أخرى خارجية ، وفي مكتبة المسرح يجري السعداوي بروفاته بهدوء وتركيز بالغين ، الأمر الذي يجعله منصرفا إلى تدريب الممثل على كلمة أو نبرة أو إيماءة أو حركة أو تعبير ما لمدة تزيد أحيانا على الساعة الواحدة ، ولكي يجعل السعداوي أعضاء المسرح منشغلين بتجربته يحاول تكليفهم ببعض المهام .
إنه يريد من رمضان عام 95 أن يكون كرمضان ذاك العام94الذي أنجزت فيه تجربة ( الكمامة ) في الوقت الذي انشغل أكثر المسرحيين بمهام فنية أخرى ،وراهن البعض على استحالة تحقق تجربة مسرحية في شهر كرمضان ..
افتقدتك كثيرا يا صديقي .. فرمضان هذا العام يحتاج إلى روحك الخلاقة ..
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون