الوجه الحقيقي لاسرائيل ككيان لا يريد السلام..!!
2023 ,26 تشرين الأول
*د.خالد شوكات :صوت العرب – تونس.
كرّر عبد الفتاح السيسي وعدد من قادة الانظمة الرسمية العربية طيلة الايام الماضية الدعوة لحل الدولتين،  وعلى أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح في حدود 1967 وليس حدود الشرعية الدولية وفقا لقرار التقسيم الشهير لسنة 1947، ومع ذلك لم تقبل اسرائيل ولن تقبل بهذا الحل، رغم أنه الحل الوحيد الذي يحمل لها بعض الأمل في الاستمرار، ولعلّه من "الحكمة الربّانية" أن لا يقبل الكيان هذا الحل، حتى تظل فلسطين موحّدة، احتلالها سينتهي يوما ما ، نراه قريبا ويرونه بعيدا، وهنا بعض النقاط ذات الصلة بالموضوع:
- الكل يتذكر خطاب الزعيم بورقيبة في أريحا ، في 3 مارس 1965، والذي دعا خلاله العرب الى القبول المرحلي بقرار التقسيم، ومنح الفلسطينيين المجال لاقامة دولة  في الضفة والقطاع (اللذين لم يحتلّا بعد حينها)، ومساعدة هذه الدولة على مواصلة المقاومة حتى تستكمل تحرير فلسطين، ضمن فلسفته الشهيرة التي توجزها عبارة "خذ وطالب"،  وبعيدا عن الهجوم العربي على الزعيم التونسي وتخوينه تلك الايام، فقد نقل عن غولدا مائير قولها :"حتى لو قبل العرب بنصيحة بورقيبة، فإن اسرائيل لن تقبل"، ضمن رؤية صهيونية متمكنة من العقل السياسي للكيان، مفادها أن يهودا والسامرة جزء من أرض الميعاد، ولا مجال للتفريط فيهما..
- الدليل الآخر على عدم وجود أي نية في أي يوم من الأيام في القبول بأي نوع من تقسيم فلسطين والاستحواذ عليها كليا، على مراحل، هو استثاؤها قطاع غزّة من مفاوضات كامب ديفيد، فقد أعادت سيناء إلى مصر باعتبارها ارضا محتلة سنة 1967، لكنها لم تعد القطاع إلى مصر رغم أنه كان تحت السيادة المصرية واحتل بدوره اثر النكسة، وهو ما يشير إلى نوايا تل أبيب المبيّتة.
- أما ثالث الأثافي كما يقال، فليست سوى اتفاقية أوسلو، التي تكشّف وجهها الحقيقي من خلال الممارسات الاسرائيلية، التي بيّنت أن الوظيفة المطلوبة من السلطة المقامة في رام الله هي وظيفة الحارس الأمني للاحتلال، وتحويل المقاتلين السابقين لفتح إلى  أدوات لقمع الفلسطينيين، والأخطر هو مواصلة  قضم  ما تبقى من الأرض فلسطينية، على نحو يوسّع عدد المستوطنين في ظل ما يسمّى بالسلام من 60 ألفا إلى ما يقارب المليون، وهو أمر لم يتحقق للصهاينة في ظل الاحتلال المباشر، هذا الى ان السلام الشكلي قد جعل من الكيان كيانا اكثر جاذبية لاستقطاب المزيد من يهود العالم، خصوصا من دول الاتحاد السوفياتي السابق..
وخلاصة القول، أن طبيعة الكيان بنيويا وايديولوجيا، والاهم مصالح هذا الكيان الاستيطاني، تجعله متناقضا مع كل سلام حقيقي، بل إن سلامه يعني عمليا  قبول العرب بتصفية القضية الفلسطينية ونسيان فلسطين بالمرة، وقبول الفلسطينيين بالعيش كمواطنين من درجة رابعة في نظام أبارتايد أكثر عفونة وتمييزا من نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا..
إن هذا الأمر في واقعه ترجمان لغطرسة وجبروت صهيو-غربي استعماري وصليبي، ولكن في نتائجه على المدى المنظور سيجعل من فلسطين حتى تتحرّر بالكامل من النهر إلى البحر، قضية فلسطينية وعربية واسلامية وعالمية، وحولها وبواسطتها سيصنع عالم جديد أكثر عدالة ومساواة وحرّية.
*كاتب عربي ووزير سابق من تونس.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون