*د.فوزية ضيف الله :صوت العرب – تونس.
المشروع التكويني في مسرح الشارع:
انطلقت فكرة المشروع التكويني في مسرح الشارع بجزيرة جربة قبل هذا التاريخ بكثير بين السيدين (René Pareja) والكيلاني زقروبة لبحث مشروع تكويني في مسرح الشارع، بعد العمل المسرحي الذي جمعهما سنة 2013 و هو من اخراج السيد Pareja مع ممثلين من تونس و فرنسا عنوانه " من هنا" وقد قدم بالعديد من الولايات بالجمهورية التونسية و اختتمت هذه المرحلة بتربص تكويني في المعهد العالي للفن المسرحي بتونس لفائدة الطلبة وكذلك لفائدة طلبة مدرسة السرك آنذاك للمسرح الوطني التونسي بحضور المخرج العالمي « Michel Crespin » ومن ثمة كانت الرحلة نحو فرنسا إلى مدينة « Ville neuve les avinons » حيث قدم العرض في مهرجان « Ville neuve en scène » ، طيلة شهر كامل من العروض اليومية بين تجارب عالمية نالت إعجابنا نظرا لما تحققه هذه العروض من إقبال جماهيري رهيب و من حركة اقتصادية وتنموية للمدينة المذكورة.
في هذا الصدد، يقول مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بجربة، الأستاذ كيلاني زقروبة:
"لم نخفي إعجابنا بهذه التجربة الرائدة وما تعلمناه في تلك الفترة كان بمثابة الكسب العلمي الذي أردنا تمريره الى الساحة الفنية والمسرحية بتونس. حيث قمنا بانجاز مجموعة من المسرحيات الموجهة إلى الشارع ثم قمنا ببحث في رسالة الماجستير المقدمة بالمعهد العالي للفن المسرحي بتونس سنة 2014 و المعنونة بـ " ظاهرة مسرح الشارع بين تجربتي ميشال كريسبان و بيتر شومان". وأمام الإشكاليات التي واجهتنا والفهم الخاطئ الذي تسرّب إلى مفهوم مسرح الشارع بتونس والتعاطي الإداري والفني مع هذه الظاهرة حصرنا الإشكال الأساسي في مسألة التكوين في هذا المجال فعزمنا العزم السير في هذا الاتجاه أي تكوين الشباب في مسرح الشارع. و باتصالنا بالسيد « Pareja » سنة 2018 وجدنا منه كل الترحيب بهذه الفكرة وقد تم إعداد ملف فني يحمل مشروع طموح و بقدومه الى تونس العاصمة تم عقد لقاء مع السيد مدير المعهد الفرنسي بتونس و بدأ العمل على المشروع... إلا أن جائحة كورونا قد أوقفت كل هذه الاستعدادات بعد تعطل كافة إشكال الحياة خاصة المسرح و الفن الذي كان الحلقة الأضعف وسط هستيريا هذا الوباء. لقد تأجل المشروع أو ربما ... ألغي".
و بعد أن تسلّم الأستاذ كيلاني زقروبة إدارة مركز الفنون الدرامية والركحية بجربة في نهاية سنة 2022 وجدت نفسه ينفض الغبار عن هذا المشروع. اتصل بالسيد « Pareja » رغم مرضه لم يجد منه إلا الترحيب بهذه الفكرة القديمة الجديدة التكوين في مسرح الشارع لفائدة الشباب المسرحي من ولايات الجنوب التي يعرفها جيدا توافقا مع استعدادها ورغبتها في التكوين في هذا المجال.
الشراكات الفنية:
ان مركز الفنون الدرامية و الركحية بجربة مازال حديث العهد و لم ينجز سابقا تظاهرات تكوينية تُذكر.فكان لزاما ان يتم البحث عن شركاء فاعلين في الجهة و خارجها : مع الجمعية التونسية لفنون الشارع التي رحبت بهذه المبادرة، وكذلك مراكز الفنون الدرامية و الركحية بجهات مدنين وتطاوين وقابس وقبلي وتوزر وقفصة والتي عبرت عن الرغبة في المشاركة و المساهمة ليكون المشروع التكويني على مستوى اقليمي الجنوب الشرقي والغربي ككل... كذلك تم الاتصال بالمعهد الفرنسي بتونس وكان داعما للمشروع.
فكان المشروع مؤلف من الهياكل التالية:
التنظيم: مركز الفنون الدرامية و الركحية بجربة و الجمعية التونسية لفنون الشارع.
الشركاء: مراكز الفنون الدرامية و الركحية بجهة ( مدنين و تطاوين و قابس و قبلي و توزر و قفصة)
المساهمون: المعهد الفرنسي بتونس.
البرنامج التكويني للتظاهرة :
ان هذا البرنامج التكويني كان يجب ان يتم خلال فترة زمنية لا تقل عن ثلاث سنوات من الحلقات التكوينية الموجهة وفق بيداغوجيا وروزنامة واضحة تمكن المشاركين من اكتساب الفائدة حتى يكون التكوين حقيقيا ويُلامس تطلعاتهم من خلال وضعهم أمام الإشكاليات الحقيقية جماليا وتطبيقيا التي تواجه عروض مسرح و فنون الشارع بصفة عامة، ثلاث سنوات من التدريب والتجريب على ارض الواقع مع كل الفرضيات التي تحيط بالعملية الإبداعية في الفضاء العام والساحات والشوارع.
التوقيت المناسب للتربص:
يجب ان يكون التربص مستقلا بذاته بعيدا عن فلسفة المهرجانات التي تقوم بتظاهرات تكوينية مقتضبة على هامشها، حيث يجب أن يكون مركز اهتمام المتكون على التربص في حد ذاته و بالتالي تخصيص وقته الكامل له، ثانيا على مستوى المدة الزمنية لا يمكن أن تقل مدة التربص عن 10 أيام يكون المتكون بمقتضاها قد تحصل على زاد معرفي نظري و تطبيقي يمكنه من خلاله فهم ما يقوم به خلال هذا التربص.
* ناقدة واكاديمية تونسية.