بغداد مصباح بحثنا.
2024 ,17 كانون الثاني
د. يوسف عايدابي
د. يوسف عايدابي:صوت العرب – بغداد.
في أول يومين من المؤتمر الفكري لمهرجان المسرح العربي في بغداد، برز في الجلسات النقاشية التي جرت في محاور لاحظ المؤتمرون منحاها الغربي وان الخلاصات المقدمة قد دارت حولها، مما اظهر للحضور ذلك الغياب الكلي للتنظير العربي، بل وللجهود النقدية التي تعرضت لتلك النظريات والاتجاهات والممارسات  التي اجتهدت أن تبرز بعض ملامح لتشابك أو تداخل أو  اختلافات بين النظر العربي وذلك الآخر ، الأمر الذي جعل غير قليل من المشاركين يشعرون بإهمالهم للمنجز العربي على ضموره، بل وحفز ذلك بعضهم لينادي ببذل جهد ضروري لوضع المساهمات النقدية والبحثية موضع مساءلة وتقييم.
الحاصل أننا كمسرحيين لم نعر كبير اهتمام لما تراكم من بحوث ودراسات حول ذات المحاور التي تخضع للحوار، لقد تركوا على الهامش تلك الدراسات والعروض والكتابات لعديد نقاد مميزين واستعانوا في مداخلاتهم بمراجع الآخر التي تنطلق من واقع مغاير وممارسات مختلفة ووجهات نظر لمسرح مختلف.
أحس المجتمعون انهم بإهمال الممارسة المسرحية والمنتج العربي وتناصه مع الآخر فإنهم يوجّهون أصابع الاتهام الى التجربة العربية التي تحاول أن تبرز ما لديها من القدرة على التعامل مع الآخرين بشكل يعزز الخصوصية، وهكذا، ولأول مرة نصل لأول إيجابية للمؤتمر: لقد فطن الجميع إلى أهمية ان نحترم ونقدر ونعزز تجربتنا واشتغالات مخرج وناقد عرضنا المسرحي الجديد، بل وأدركنا انه من المفيد ان نراجع ما لدينا من تجارب ناجحةً مميزة في مجال الممارسة النظرية الاكاديمية والعملية الاخراجية والبحثية.
نحن أمام نظر جديد نقدي بالضرورة للفعل المسرحي، وهذا يتطلب ان نثق في امكانية تحقيق الهدف المنشود وهو استخلاص بعض الأفكار الجديدة من خلال قراءة ما ينجز يوميا في الميدان الانتاجي والنقدي، لنتمكن من فهم الواقع المسرحي العربي في كل قطر بشكل صحيح يعول عليه في الوصول إلى معرفة حقيقية لما نحن عليه.
هذه النظرة النقدية مهمة، ولو استمرّ النقاش والحوار لكشف مدى أهمية بعص الأسماء العلامات بين النقاد والمنظرين (نعم يوجد منظرون على قدر من الشجاعة والجرأة)، فسيكون المؤتمر قد وصل إلى أول حلقة كاشفة ولقيمة الجهد النظري المعرفي النقدي العربي، وسنصل إلى علو صوت العودة الى الوقوف الجاد على كل الكتابات النظرية والنقدية العربية الحديثة، بغية دراسات معمقة لها، ووضعها في موقعا المفترض، ونكون في سبيل سعي واجب للنظرية المسرحية مثل الآخر الذي نعتمد على أطروحاته وندع جانبا أطروحتنا الأهم.
جميل ان نستيقظ في بغداد على وعي جديد، بل والأجمل أن تكون بغداد مصباح بحثنا.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون