فن في نفق الحرب.
2024 ,16 كانون الثاني
الدكتور يوسف عايدابي.
*د. يوسف عايدابي :صوت العرب – بغداد.
رغم ويلات الحرب الطاحنة في وطن مجروح الكرامة كوطني السودان، إلا أن النزوح القسري دفع بالمسرحيين إلى تلمس الطريق الوطني إلى آخر النفق حيث اشعاع الحرية، فلقد سارع المسرحيون إلى سعي فني ضروري لإبعاد الفضاءات العمومية من سطوة العسكر ولهاث الموت وذلك بالمضي قدماً في انجاز أعمال مسرحية وفنية وتكاملية بين المبدعين النازحين تحت شعار (نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً).. فتغنوا بالوطن ومسرحوا حالات ألم وأمل وأمعنوا في الظهور في شوارع البلاد على جراحاتها ونحيب بعضها وتشظي بعضها الاخر، هذا السعي الفني وجد صداه بحركة المجتمع نحوه والتعاطي الايجابي معه رغم ازيز الرصاص وانفجار القنابل وانهيار الجدران والمباني بين حين وحين.
في الشرق مثل الغرب، وفي الغرب مثل الشمال، وفي الشمال قبل الجنوب، وفي الجنوب والاتجاه الآخر قدمت عروض مسرح متفاعل تفاعلي، بل وذهبت العروض إلى مراكز إيواء النازحين إلى المدارس الخاوية من تلاميذها المكتظة بالجرحى والمرضى من نازحين من مناطق غير مأمونة، لقد أفسح المسرح للتعددية والتنوع، للمشارب المختلفة وللمشارق أن تعبر بلغاتها عن حكاية الحرب والسلام، عن حكاية الحياة والخراب، عن حكاية الموت والشوق إلى الحياة.. الأشهر القاسية الكئيبة بدأت تكتسي، وهي (متشائلة) بشبه ابتسامة ما، مثل لهفة إلى وقت لا يأتي بعد، إلى شمس بعيدة في الخيال، لا شمس رابعة النهار القاسية، حبالها المسرحية ككل بائس لا أكثر.
يا أهل المسرح العربي نعتذر عن حضور أفراحكم، ولكن دعونا بعيونكم نشاهد عروض كل ليلة من مهرجان المسرح العربي في دورته التي نغيب عنها لأسباب حربية لا أكثر، فأنتم أشقاء الروح، ونحن بحبكم نكون.
*المسرحيون السودانيون/عنهم: يوسف عايدابي.
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون