صوت المكان.. "روح" جراسيا!
2023 ,30 تموز
الفنانة اسماء مصطفى "جراسيا".

صوت العرب: الاردن.

للأمكنة ذاكرة وروح وحكايات، لها صوت يهمس للمارين بها، أن ها هي سيرتي، وها هو تاريخي، فاقرأوه، واستمعوا له، ولا تنكروه. هذا حال الحجارة والواجهات والمسارح والمعابد والأعمدة والأبواب في جرش، هي كتاب مشرع على أزمنة ممتدة عبر حضارات وأحداث مرت عليها، وبنتها، وطورتها، وأبقت الحياة مستمرة فيها.

صوت المكان، يعاين قصص وحكايات الأمكنة والمعالم في جرش، يقدم تاريخ الحضارات والقادة والبنائين والمهندسين والشعراء والناس الذي شكلوا بمجموعهم سجل تاريخ المدينة، ونبض الحياة فيها.

هنا سيكون الوقوف في ساحة الندوة، ورفع الحجاب عن سوق وتجمعات واحتفالات وشعراء كانوا فيها، وعلى مرمى التفاتة سيبوح المسرح الجنوبي بتفاصيل بنائه وأسرار معماره وكيف كان استخدامه، وليس بعيدا يطل شارعالأعمدة ليحكي ما كان شهده في قديم الزمان حتى الآن.

هنا صوت يروي قصة من بنى المسرح الشمالي، وحديث أهل جرش عندما كانت اجتماعاتهم تعقد داخل المسرح قبل أن تقام الاحتفالات والمسابقات، بينما معبد أرتيمس، يحفظ سجلات الأساطير والتاريخ حول حامية جرش وحافظة تاريخها.

إنها شرفة مشرعة على التاريخ والأساطير والذاكرة ونبض الحياة أمكنة جرش، التي تبدأ عند بوابة هادريان، قوس نصر ما زال حاضرا عبر الزمان، ومنه يتجدد صوت كل الفضاءات الأمكنة في ربوع جرش الحاضر، جراسيا التاريخ.. فيالطيب هذا المكان.

ساحة الندوة.. سر جرش.

سيدة جرش

مكتوب في الدفاتر القديمة ما أراه الآن، وعلى مرّ الزمان.

 ها هي جرش..

جراسيا الساكنة قرب نهر الذهب، كأن أعمدتها قامات القصب.

تتحرك في أكثر من اتجاه، كأنها تعيد اكتشاف المكان حولها.

سيدة جرش:

أنا من سلالة الذين كانوا هنا: الإغريق الأوئل، الرومان العظماء، وفخامة بيزنطة..

أنا حفيدة ملكات العرب الأنباط..

تظهر مع حديث سيدة جرش صور معبرة عن تلك الحضارات على شاشة أو جدار.

سيدة جرش:

هنا كانت أجراس الكنائس، ومآذن المساجد..

بقيت صامدة مع مرور الزمان، فكان كتاب جرش منقوش على الحجارة، والأعمدة، والواجهات، والمسارح، وفي قلب المدينة هنا..

وهنا في ساحة الندوة كان مسرح الأحداث، ومراسم الاستقبال، والاحتفالات..

كل هذا وأكثر كان هنا، فانصتوا يا سامعين الصوت، تأملوا حديث التاريخ الذي لا يغيب بل يتجدد..

 تصمت سيدة جرش، وهي تلتفت حولها، فيعلو صوتا جهوريا للشاعر أرابيوس.

صوت الشاعر أرابيوس:

"أيها المار من هنا،

كما أنت الآن كنت أنا،

وكما أنا الآن ستكون أنت،

فتمتع بالحياة،

لأنك فان".

سيدة جرش:

أنت يا أعظم الشعراء.. أهلا بك.. مرحى بأرابيوس.. شاعر جدارا وكل مدن الديكابولس، وجراسيا كانت واحدة منها.

صوت أرابيوس:

دائما أحن إلى هذا المكان، هذه الساحة.

سيدة جرش:

هي ساحة الندوة.

سيدة جرش:

أنت خير من يعرفها، ويبوح لنا بما كان يقام فيها.

صوت أرابيوس:

هي أكبر من ساحة، وتتحول إلى سوق، وملتقى التجار والفرسان والشعراء.

سيدة جرش:

تحدث فكلنا لك منصتون.

صوت أرابيوس:

كل شعراء روما قرأوا قصائدهم هنا.. كانت الأعمدة حولهم كأنها تستمع لهم مع الجماهير من أهل جراسيا..

سيدة جرش:

كأنك تعيد قراءة تاريخ هذا المكان، تتحدث بصوته، تستنطق الحجارة، تروي قصص الأعمدة، تستعيد اعجاب النساء، وتصفيق الرجال، وإنصات الشباب والأطفال لك.

صوت أرابيوس:

ليس الشعراء فقط.. الساحة كان فيها ملتقى الفلاسفة، وبهجة الاحتفالات، وحديث الندوات.

يختفي صوت أرابيوس..

سيدة جرش:

يعود أرابيوس إلى مدينته جدارا.. لكني سأكمل حكاية ساحة الندوة، وهو بعض ذاكرة جراسيا..

تشير سيدة جرش بحركات استعراضية إلى حدود الساحة والأعمدة حولها، وشارع الأعمدة الممتدة منها..

سيدة جرش:

أجمل احتفالات ساحة الندوة كانت عام 130م..

 كان الاستقبال مهيبا فخما للإمبراطور هادريان.. الأعمدة مزينة، والفرسان يستعرضون بخيوهم وأسلحتهم أمام الإمبراطور القادم بعد انتصاراته ومعاركه..

صوت خيول، وترحب، وجلبة الناس، وقرقعة الأسلحة.

تدخل امرأة من أهل جرش، صوتها يدل على الفرح والبهجة والحياة.

صوت المرأة الجرشية:

كل ما في الساحة هنا ينطق بالحياة.

سيدة جرش:

الحياة صفة البقاء، والتغير والتجديد.. فماذا عندك من جديد، وأنت حسناء جرش، وبعض ذاكرتها.

صوت المرأة الجرشية:

خيول أصيلة، يولدونها، ويدربونها، في جرش، هناك أصطبلاتها ما زالت عند زاوية الساحة.. والصهيل لا يتوقف.

سيدة جرش:

الروعة والأصالة هي الخيول.. وماذا أيضا؟

صوت المرأة الجرشية:

هنا كان سوق المدينة، تجار يأتون من كل أنحاء البلاد.. يعرضون بضائعهم حرير وأقمشة، بخور وعطور، سروج وسيوف، وتأتي مع التجار قصص وحكايات من أقاصي الدنيا.

سيدة جرش:

صارت الساحة سوقا، وفي ذات الوقت كتاب حكايات، وملتقى علماء وشعراء.

صوت المرأة الجرشية:

كان الفنانون والنحاتون لهم حوانيتهم ومحترفاتهم.. أبدعوا الفسيفساء، ونحتوا التماثيل والوجوه.

سيدة جرش:

مكتوب في ذاكرة جراسيا، أن الساحة مهرجان وفنون، وملتقى حضارات، وحوارات فلاسفة وعلماء.

صوت المرأة الجرشية:

ورقص وغناء وموسيقى.. وهنا كان يلتقي المحبون والعشاق.. ويغنون وهم يرقصون:

جرش يا ديرة هلي       فوق الجبال اعتلي

حلوه وعنقودك حلي      بين كوم الدوالي

من راس النبع شربتي   وعلى الهبيه هَيَّبْتي

جرش لحظة ما غبتي    عن بال الدنيا وبالي

سيدة جرش:

يدور الزمان، ومعه تشهد الساحة دخول المسيحية دينا رسمية على الدولة البيزنطية، فتقرع الأجرس في كنائس جراسيا، وتقام الصلوات والتراتيل والتحيات الطيبات.

أصوات قرع أجراس كنائس، وصور لعدة كنائس قديمة في جرش.

سيدة جرش:

هنا وقفت خيول شرحبيل بن حسنة، حين كان فتح الشام، وهذه المناطق، فارتفع الأذان، وتردد صداه في الساحة، وفي ساحات المدرجات حولها، فتباركت الأمكنة بهذا العهد الإسلامي الجديد.

 

صوت أذان، ولقطات لمساجد عتيقة في جرش.

سيدة جرش:

وبقيت الساحة شاهدا عل كل من مر في جرش، شهدت أزمنة السلم والحرب، عانقها المطر، وتأرجحت محتضنة الأعمدة عندما هاجمتها الزلازل، لكنها بقيت محافظة على معالمها.

مؤثرات صوتية وبصرية، تعكس تغيرات الطبيعة والزلازل.

سيدة جرش:

محتجبة على مساحاتها كانت تلك الأعمدة، وهي تنظر المسارح والأبنية حولها، إلى أن جاءها من كتب عنها، واكتشفها حديثا.

صور لرحالة قدماء، ومستكشفين، وآثاريين، ينقبون في جرش.

سيدة جرش:

باقية على مر العصور هي جرش، والساحة تشهد، حين انبهر بها الرحالة سيتزن، فاكتشها مجددا، وكتب سيرتها للعالم.. فعادت جرش درة هذا الزمان الجديد..

تحيا جرش، بهذا دائما تردد حجراة الساحة، وأعمدتها، وكل مساحاتها.. تحيا جرش.

 

صوت المكان.....روح جراسيا,

فكرة وتقديم وإخراج : أسماء مصطفى

كتابة النص : مفلح العدوان

موسيقى : مراد دمرجيان

الفنانيين ضيوف الشرف ( صوتيا ): عبير عيسى ومحمد العبادي هشام حماده

 

 

 
 

 

 

 

2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون