كتاب "في عشق المسرح" للكاتبة نور الهدى عبدالمنعم.
2024 ,05 أيلول
د.عمرو دوارة:صوت العرب – القاهرة.
يمثل هذا  الكتاب إضافة مهمة للمكتبة العربية بصفة عامة وبمجال الفنون المسرحية بصفة خاصة، وذلك نظرا لندرة الإصدارات الحالية بمجال النقد التطبيقي، وذلك بعدما شهدت فترة الازدهار المسرحي خلال فترة ستينيات القرن الماضي عدة إصدارات مهمة بمجال النقد التطبيقي وذلك بفضل مشاركات مهمة لنخبة متميزة من كبار النقاد – وفي مقدمتهم الأساتذة الكبار - على سبيل المثال – وليس الحصر: رجاء النقاش، جلال العشري، فؤاد دوارة، د. محمد مندور، د. لويس عوض، د. فاروق عبد الوهاب، د. محمود أمين العالم، ومن بعدهم بجيل السبعينات إصدارات للنقاد: د. حسن عطية، د. نهاد صليحة، وبعد ذلك إصدارات لبعض  تلاميذهم ومن بينهم مايسة زكي: منمنمات مسرحية الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام1998. لنصل الألفية الجديدة وتفتقد المكتبة العربية مثل هذه النوعية من الإصدارات المهمة، وهو أمر منطقي نظرا لتركيز خريجي قسم النقد والدراما جهودهم بمجال التأليف الدرامي الذي له عائد مادي كبير ولا يقارن أبدا بالعائد من الدراسات النقدية، وذلك بالإضافة إلى تقليص مساحات النشر لمقالات النقد التطبيقي بجميع الصحف وتخصيص تلك  الصفحات للدراما التليفزيونية والسينمائية مع التركيز على نشر الأخيار وإجراء الحوارات مع النجوم. 
  وللأسف الشديد منذ الألفية الجديدة افتقدنا تماما لكتب النقد التطبيقي وذلك باستثناء إصدارين وهما: "نزهة "في أرض المسرح" من تأليف/ يسري حسان الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام2022،  "الخروج بملابس المسرح" من تأليف/ جرجس شكري الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام2015.
وتعود أهمية هذا الكتاب إلى ذلك التنوع الكبير في مجموعة العروض التي تناولتها الكاتبة بالنقد والتحليل (فيما يزيد عن ثمانين مسرحية )، تم إنتاجها خلال فترة تزيد عن خمس سنوات (2016 - 2023)، وبالتالي كما يتضح من مجموعة الملاحق والجداول المرفقة بالكتاب أنها قامت بإلقاء الضوء والتوثيق لإبداعات أكثر من (80) ثمانين مؤلفًا ومخرجًا، كما ساهمت بالتوثيق لإنتاج أكثر من ثمانين فرقة على مدى أكثر من خمس سنوات. 
 وعدم تقيدها بفترة زمنية محددة أو جهة إنتاجية محددة كفرق الهواة أو مسارح الدولة على سبيل، حيث تناولت بالنقد والتحليل عروص الفرق التالية: (مسارح الدولة: الكوميدي، الحديث، الطليعة، الغد، الشباب، الهناجر، المواجهة والتجوال، بعض عروض دار الأوبرا المصرية، وقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية )، وهذا بالإضافة إلى اهتمامها الكبير أيضا بعدد كبير من عروض فرق الهواة بمختلف تجمعاتهم (بالمسرح المدرسي، الجامعي، فرق الأقاليم بهيئة قصور الثقافة، معهد الفنون المسرحية، مركز الإبداع مطرانية سمالوط بالمنيا، الشباب). ويتضح مما سبق أن الكتاب يقدم لنا صورة بانورامية دقيقة لأهم أنشطة وفعاليات المسرح المصري خلال خمس سنوات، وأنه يلقي الضوء كذلك على عدد كبير من العروض المسرحية المتميزة وعلى نخبة من المبدعين بمجالات التأليف والإخراج مما يجعله مرجعًا مهمًا لعدد كبير من الباحثين والدارسين للدراسات العليا وأيضا للعاملين بمجالات الصحافة والإعلام. 
هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يتضمن أيضا  تناولها  بالنقد والتحليل لبعض العروض العربية التي عُرضت بمصر أو ببعض المهرجانات المسرحية العربية تلك العروض التي تمثل دول: تونس، المغرب، الإمارات، الكويت، البحرين، العراق.
هذا ويمكنني من خلال القراءة المتأنية لمجموعة مقالات النقد التطبيقي التي يتضمنها هذا الكتاب رصد وتسجيل أهم السمات التي تتميز بها الكاتبة والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- الالتزام بالموضوعية والبعد عن الآراء الانطباعية السريعة.
- الدقة الشديدة والاهتمام بكافة التفاصيل والحرص على توثيق كافة البيانات والمعلومات التوثيقية لكل عرض (تاريخ الإنتاج، جهة الإنتاج، المؤلف، المخرج ).
- الوعي الكبير بمفردات العرض المسرحي والإشارة إلى مجموعة المبدعين وراء الكواليس  وتناول ابداعاتهم بمجالات: الإضاءة والإكسسوار، والملابس والديكورات، وغيرها من مفردات العرض المسرحي.
- حسن الصياغة  بأسلوب سهل بالاعتماد على توظيف الجمل التلغرافية القصيرة ذات المعاني الواضحة وعدم اعتمادها على استخدام وتوظيف بعض المصطلحات المتخصصة والتي قد تصبح أحيانا لغة ملغزة وغير مفهومة بالنسبة للمتلقي بعبارات واضحة ومفردات  دالة بلا غموض.              
 - إثارة بعض القضايا المسرحية المهمة ولعل من أهمها: ضرورة المحافظة على هوية كل فرقة، الدعوة للاحتفاء بالفنانين المعاصرين وإلقاء الضوء عليهم، الاهتمام بالهواة وتشجيعهم، التصدي للسرقات الأدبية والفنية.
وأخيرا أرى توجيه التحية لمؤلفة هذا الكتاب لتوفيقها الكبير  في اختيار العنوان  المناسب له "في عشق المسرح"، فهو عنوان دال عن الكتاب وكذلك عن مؤلفته  فمجموعة المقالات النقدية الكثيرة والتي تزيد عن ثمانين مقالة تتناول أكثر من ثمانين عرضا مسرحيا تؤكد مدى عشق المؤلفة للمسرح وحرصها ودأبها على مشاهدة هذا العدد الكبير من العروض، وأيضا حرصها على تناولها نقديا، وهي بالفعل عاشقة مخلصة في محراب المسرح منحته ما لا يقل عن ربع قرن من الزمان وبالتحديد منذ نهايات الألفية الماضية، وقد دفعها هذا العشق لصقل موهبتها بالدراسة والخبرات، فحرصت على الانضمام إلى "الجمعية المصرية لهواة المسرح" واجتياز عدة دورات من التي تنظمها بمجالات التأليف والنقد، ثم أخيرًا التحاقها بالدراسات العليا بقسم المسرح في كلية الآداب بجامعة عين شمس العليا.
ومما سبق يتضح مدى أهمية  هذا الكتاب وقيمته، وأنه كتاب يليق بالنشر تحت مظلة  "نقابة اتحاد كتاب مصر".
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون