مسرحية " انا مكبث " تنقيب سريالي يغور مكامن شهوة الحكم السلطوية الشكسبيرية الكلاسيكية.
2023 ,21 أيلول
*ذوالفقار البلداوي :صوت العرب – بغداد.
سينوغرافيا العرض 
نحت جمالي اثر تنقيب واعي بالشخصيات السلطوية  التي ابتدعها الفيلسوف وليم شكسبير  ابتكره السينوغراف المخرج لتوظيف جوهر اللعبة المسرحية ( المنيرية ) المفترضة بوعي تشكيلي  باذخ الاحتراف ، وذلك من خلال التكوين السريالي لشكل العرش المبهر المشكل من تدلي قطع القماش الأربعة ، اما المساند التي كانت بجانبي المسرح ( العرش) والتي بنيت بأسلوب تشكيلي تكعيبي ذي زوايا حادة تترجم حدة الانفعال والصراع والعقد الشهوانية السلطوية التي صدرها شكسبير واقتنصها النص المنيري .
 ثلاثة قبور / توابيت / قتلى شهوة السلطة ( الملك دنكان ، الملك لير ، الملك مكبث) تتربع العرش الافتراضي .
تقزيم الشخصيات بفخامة سريالية الكرسي وقوة اللون و حدة الزوايا واعتماد لباس الإعدام للشخصيات المنقب بها وفقدان جزء من الساعة ( زمن الحدث / التاريخ المفقود/ الماضي المفقود / الحاضر المفقود/ المستقبل المفقود ، الحقيقة المفقودة ) لها دلالات رمزية سينوغرافية بحثية ببواطن الحدث الشكسبيري الكلاسيكي  وترجمة تنقيبية لفحوى الشخصيات و مطامعها وحداثوية ولادة تلك المطامع بقلوب الرجال التي توارثتها الأجيال ليولد ( الشك) من جديد لاظهار مكامن الحقيقة  و يعتبر مبدأ (الشك)  او عدم اليقين من أهم مبادئ (ميكانيكا الكم) التي اسس لهذا المبدأ العالم الألماني( هيازنبرج ).
 واشار لها ديكارت ( أنا اشك اذا انا افكر ...الخ) وأيضا ارسطو طاليس (الجاهل يؤكد و العالم يشك ) 
عبقرية سريالية الاخراج 
إشارة التنقيب بعمق الشخصيات من خلال استحضار ارواح ثلاث بنات يحملن ( كشاف )
هل أنهن ارواح بنات الملك لير ؟؟ ام ارواح الساحرات الثلاثة كاشفات مستقبل الملك القاتل  ؟؟
 الارواح الثلاثة تدعوا جمهور المسرحية  لمشاهدة محاكمة شكسبير ، إشارة عبقرية وكأنما يريد المخرج أن يقول بالأمس تنبأت الساحرات لمكبث انه الملك،  والآن يتنبئن بمحاكمة الشاعر المؤلف .
تفتح الستارة ، ثلاثة قبور / توابيت / مقاعد  ( لير ، دنكان ، مكبث ) ، يتحرر مكبث المشكك  من قبره بينما يبقى ( الملك لير ) و ( الملك دنكان ) عاجزان غير متحرران  وهو يعد تنقيبا اخراجيا ذكيا في عمق الشخصيات الثلاث بالنص الشكسبيري واستحضاره بالعرض (المنيري) لاكمال ما انتهى منه شكسبير وهي دلالة سريالية رائعة .
محكمة ادانة الشاعر شكسبير من قبل شخصيات اعماله المسرحية بافتراض  العالم السفلي ( العرش) ، إظهار القاضي ( الملك لير )  ، المتهم ( شكسبير ) ، والمطالب بالحقيقة ( مكبث) ، والمغدور ( دنكان)  بزي واحد ذات اللون الاحمر ، هذه عبقرية مجنونة ورمزية ذات دلالات متناقضة حتمية تكشف ازدواجية الرجال العطشى للسلطة و شهوة الحكم .
اما استحضار الساحرات بهيئة ملاك وديع كشهود لنصرة مكبث فهي تعد بيضة قبان ايقاع العرض منذ الدعوة الأولى للمحاكمة حتى نهاية العرض .
اتسمت عبقرية التنقيب الاخراجي بجمال الصورة وعمقها الفلسفي وقوة الهارمونك الايقاعي الذي ارتكز بين الفعل الخارجي للشخصيات و حذاقة الالقاء للممثل و المؤثر الصوتي .
الاداء التمثيلي
تباين الاداء التمثيلي لابطال عرض مسرحية ( انا مكبث) بين شخصية واخرى ، لكن أداء ( فيروز وتبارك وداليا طلال )  الساحرات / ملاك الرحمة الثلاث ، ومساحتهما بالعرض خطف الأضواء بعفويتهم البسيطة وتناغمهم ببناء الإيقاع وتفاهمهم ، حيث نجحوا بادائهم الجماعي المركب ان يقدموا ساحرات بشكل ملاك الرحمة .
وكذلك أداء الفنانة ( ايمان عبد الحسن) ( الليدي مكبث )  كانت توازي بالاداء الساحرات وهي تطل كروح مضطربة بين الحين والأخر بين الزوايا الحادة للعرش   داعمة مساندة لفعل شخصية مكبث بل ساهمت برفع حتى ايقاع شخصية مكبث الذي ابدع في ادائها الفنان ( زمن علي)،اما أداء الفنان ( حميد عباس ) ( شكسبير ) أقترب بعض الشيء من كلاسيكية الشاعر و انفعالاته أثناء دفاعه وجداله بروح عربية وهذه فرضية ( منيرية )  .
  ( انا مكبث )  عرض مسرحي عراقي عربي غير مغاير بل مجدد و مبتكر لحداثوية شكسبير  بامتياز  
مبارك للمسرح العراقي وللكاتب منير راضي والمخرج طلال هادي وكادر العمل هذا الجمال 
*رئيس قسم المسرح -معهد الفنون الجميلة / بلد 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون