مونودراما"حكاية طرابلسة":الاحتجاج بالموت على خيبات وانكسارات الحياة.
2023 ,18 آب
رسمي محاسنة:صوت العرب – الاردن.
مونودراما"حكاية طرابلسية" للمخرج "جمال عبدالناصر" التي جسدتها الفنانة الليبية"خدوجة صبري" على مسرح "حبيب الزيودي ضمن فعاليات مهرجان الزرقاء للمونودراما الاول.
"حكاية طرابلسية" تبدو قادمة من مدينة ، لكنها حكاية تتسع لتشمل هواجس المرأة العربية،وماتتعرض له من تهميش واقصاء،ومنعها من ممارسة دورها لمهني والانساني في المجتمع.
 
امرأة تعدت السن الذي ينظر اليه المجتمع كسن مناسب للزواج،ومنذ لحظة دخول الممثلة، تبدو عليها الحيرة والعزلة، ومتوالية من الاسئلة، عن هذا الذي يدور حولها، وماشاهدته في حياتها من نماذج نسائية،كانت ضحية لنظرة المجتمع واحكامة القاسية، ولا تجد الا قبرامها، لتبوح لها بهواجسها،وتبرر لها اسباب تارجحها بين القبول والرفض، وعدم وصولها الى حالة من اليقين التي تساعدها لاتخاذ قرار الزواج، لكن كلما وصلت الى حافة القرار، تستدعي ذاكرتها صور ثلاث نساء، جرفتهن الحياة الى مسالك، لم يكن يرغبن بها، انما حالة الحصار المجتمعي، والنظرة الذكورية المتخلفة، دفعتهن الى مصائرهن.
اعتمدت الرؤية الاخراجية على مقترحات تخدم العرض، دون مبالغة في استخدام الادوات، او الجنوح في الاداء نحو الميلودراما والبكائيات، بمرافقة اغان من الموروث الشعبي الليبي، وفي عمق المسرح، صورة"الرجل" في دلالة على ان الحركة والمنطوق على المسرح، هي بفعل الرجل الذي لم يجد في المراة الا وسيلة لتنفيذ رغباته، والتعبير عن العقد المترسبة بداخلة، بفعل مخزون من القيم البالية،التي تتعارض مع اعطاء المراة حقها الطبيعي في الحياة والعيش والمشاركة الفاعلة.
 
وفي اداء متوازن قدمت الفنانة"خدوجة صبري"،حكايتها وحكايات الاخريات، بدون انفعالات زائدة،او صراخ او شعارات فاقعة، انما باداء عفوي وعميق،كانت تتوالد الحكايات، رغم كل ماتعيشه وماراته من نماذجها الثلاث،فهي تعيش ازمة مركبة، ازمتها الخاصة، وازمة ماتراه حولها،فهي مثل المراّه التي تعكس وتقرأ ضحايا القهر المجتمعي والكبت النفسي،وانكسار الاحلام.
قامت الفنانة"خدوجة صبري" باستخدام الادوات، من صندوق، وكراسي،ومشجب،واطار صورة، وباروكة وعباءة،تتنقل من شخصية الى اخرى،بتوظيف يحمل دلالات تخدم الفكرة ، وتثري العرض،وتعمق مأساة المراة،والخسارات التي تلاحقها، سواء بالاغنية والموسيقى المرافقة،وخاصة ماتحمله من دلالات بعلاقتها مع امها، واستخدام الصندوق لاكثر من غرض. 
ويصل العمل الى ذروته، عندما لم تستطع شخصية العرض من التحمل، او التعايش،او الخضوع لشروط العيش المفروضة عليها،ومتوالية الخسارات والخيبات واغلاق باب الامل بالتغيير،وتكون في نقطة الموت معادل للحياة،ولم يعد هناك ماتدافع عنه من حقوق لها، بعد ان سلبها المجتمع كل ادواتها،ولم يكن امامها الا قرار الاحتجاج بالموت،بدفن نفسها في قبر امها.
وقامت الفنانة"عبير عيسى"،ورئيس اللجنة العليا للمهرجان"ايمن عرار"، بتقديم درع المهرجان للفنانة"خدوجة صبري" تكريما وتقديرا لها على مشاركتها في المهرجان.
مونودراما ”حكاية طرابلسيّة” بطولة الفنانة "خدوجة صبري"، وتأليف "منصور بوشناف"، وسينوغرافيا "أبو بكر الشريف"، ومن إخراج "جمال عبد الناصر".
 


2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون