فيلم قطار الليل الى لشبونه:رحلة البحث ...واكتشاف الذات.
2022 ,05 حزيران
دعاء مأمون : صوت العرب – الاردن.
فيلم " قطار الليل الى لشبونة" ماخوذ عن رواية ل"باسكال ميرسييه" ومن اخراج الدنماركي المبدع "بيل اوجست"، الحاصل على العديد من الجوائز العالمية ،يقدم لنا قطعة  فنية مدهشة، وقام باختيار كادر العمل بدقة متناهية وبشكل ذكي ولعب الجميع ادوراهم بحرفيه عاليه وامتياز.
يبداء الفيلم بغموض وصدفة التقاء استاذ اللغات "غريغورس" الذي يقوم بدوره "جيرمي ايرونز" بفتاة ترتدي معطفا احمر،كادت ان تقفز حقا عن الجسر محاولة الانتحار، فيقوم "غريغورس" بانقاذها ،واخذها معه الى الجامعه، لكن الفتاة تغادر المكان على غفلة منه تاركة وراءها معطفها الاحمر وكتاب .
ويبدأ بقراءة سطور من الكتاب، الذي وجده في جيب معطف الفتاة، والكتاب  باللغه البرتغاليه، وبدات تاسره الكلمات، وكلما تعمق اكثر في قراءة الكتاب، يداهمه احساس بحياته المأساوية ،ويجد نفسه مدفوعا وراء تجربة ومغامرة تجعل منه انسانا جديدا.
لقد ادرك مدى هشاشة الحياة وكيف ان لهذا الكتاب الذي وجده في خبايا معطف الفتاة الاحمر وهذه الصدفه ، قلبت حياته راسا على عقب ،وليتخذ قرارا بتتبع الكتاب وقطع تذكرة القطار المتجه الى لشبونه ،تاركا وراءه حياته ونجاحاته وتلاميذه وكل اموره السابقه، ولا ياخذ معه الا المعطف الاحمر والكتاب ،لتبدأ رحلته الذاتيه باستعادة حياته، فيغادر سويسرا،في رحلة الكشف عن الذات واستعادة حياته المفقودة.
ذلك الغموض الذي يلفنا، لقد اسرنا "صائغ الكلمات" - عنوان الكتاب الذي كتبه "دكتور اماديو"، وحدث ان اخذته الكلمات الى ابعد مايمكن ،وقرر البحث عن كاتبه 
يصل غريغورس الى لشبونه ،ويلتقي بالعديد من الشخصيات المرتبطه بالدكتور اماديو مؤلف الكتاب ،ونعرف من خلال الفيلم ان "دكتور اماديو " هو شخصية ثرية، ومقاوم ،وهب حياته للثوره وانهاء ويلات شعبه التي تمارس عليه من قبل الديكتاتور، وكانت الظروف الصعبة التي عايشها مع الناس، ومالحق بهم من ظلم واضطهاد "الديكتاتور"، الامرالذي  سبب له الحزن على هذا الواقع البائس، مما دفعه الى كتابة افكاره ومشاعره وطريقته في الحياه واسلوبه العميق والفلسفي .
ويستمر في رحلة البحث ،وتتكشف له جوانب اخرى للحياة، بان نتخلى عن الخوف سواء الذي يحيط بنا، او يعيش في دواخلنا،ونغادر دوائر الحياة الرتيبة المملة والكئيبة،حتى نعيش الحياة بالاصدقاء الحقيقيين، وبكل مايعزز احساسنا لمواصلة حياتنا كما تستحق ،وبما يحقق احترام ذاتنا.
 في النهايه يضعنا الفيلم امام تساؤلات التي تجعلنا نقف ونبحث في داخلنا وانسانيتنا واننا نستحق الحصول على الكثير الكثير من الحب ،والامل والقوه ،وبما يحقق انسانيتنا.
ويأتي مشهد الختام الذي يحل غموض الفيلم الذي لفنا منذ البدايه حول هوية الفتاة صاحبة المعطف الاحمر التي انقذها استاذ اللغات غريغورس وكانت هي سبب بدايته لاستعادة حياته في النهايه.
والى جانب الاداء المتميزللممثلين، وعناية المخرج بكافة عناصر لغة الفيلم السينمائية، جاءت الموسيقى التصويريه التي الفتها "آنيت فوكس" لتعطي الفيلم تألقا وعمقا ،واخذتنا الى فضاءات واسعه اثارت مشاعرنا واحاسيسنا العائمه، وابحرنا معها ،وما ان نصل الى مشهد النهايه ، حتى نشعر بعدها اننا ولدنا من جديد.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون