تعرضه لجنة السينما/شومان : فيلم "رجاء بنت الملاح"للمخرج" عبدالاله الجوهري":هجاء الوسط الفني وادانة المجتمع.
2024 ,29 أيار
رسمي محاسنة:صوت العرب - الاردن.
ضمن فعالية "ليالي الفيلم المغربي" للمخرج المغربي عبدالاله الجوهري، التي تقيمها لجنة السينما في مؤسسة شومان،يعرض غدا الأربعاء 29/5/2024 ،وبحضور المخرج،وذلك في تمام الساعة السادسة والنصف مساء في قاعة السينما بمقر المؤسسة بجبل عمان.
يقدم المخرج "عبدالاله الجوهري" الفيلم الوثائقي"رجاء بنت الملاح"،من خلال متابعة على مدار سنوات، لحياة ومسيرة فتاة استثنائية، وجدت نفسها تحترق في لهب النجومية التي عاشتها في مهرجانات مهمة، بعد ان حصلت على جائزة افضل ممثلة، في ايطاليا وفي المهرجان العريق"مهرجان مراكش السينمائي".
"رجاء" فتاة يتيمة، تعيش حياة هامشية،تتنقل في "ساحة الفنا" بالمدينة الحمراء مراكش، وهي اميه لاتقرأ ولاتكتب، وجد فيها المخرج الفرنسي"جاك دوايون"،الشخصية المناسبة لبطولة فيلمه"نجاة" الذي يدور حول شغف رجل فرنسي،بفتاة من مراكش، لتحصل  بطلته"نجاة بنسالم" على جائزة افضل ممثله، وسط منافسة من نجمات السينما.
"الجوهري" يعيد الاحداث الى مهرجان مراكش السينمائي،الذي فازت بجائزته الاولى،ولم تتمكن من استلامها، لانها لم تملك بطاقة الدخول للمهرجان،ومن هذه النقطة تبدا انكسارات الروح عند هذه الفتاة الموهوبه،وينتقل الفيلم مابين من اضواء وصخب المهرجان، الى غرفة متهالكة،وفتاة تعاني من الضعف والوهن ،ترقد بين ادوات بسيطة لاتشكل الحد الادني من مقومات الحياة، وسقف متهالك،سبق وان سقط عليها،حيث تحطمت جوائزها ونجت من الموت باعجوبه.
"رجاء" التي وقعت ضحية موهبتها،ووجدت نفسها ممزقة ووحيدة،ومنبوذة من العائلة والجيران وابناء المنطقة،وعدم وفاء الوسط الفني والثقافي للمواهب، حيث لم تجد من يسال عنها، او يطلب منها ان تقوم بدور في فيلم، ولولا"الجوهري"،ربما بقيت حكايتها مدفونة في صدرها،ترافقها في رحلاتها العبثية اليومية للحصول على قوت يومها من بيع السجائر"بالفرط" لرواد ساحة الفنا بمراكش.
ومابين رحلاتها السنوية المتكررة بالوقوف على ابواب مهرجان مراكش السينمائي،وخيبات الامل بعدم السماح لها بالدخول الى المهرجان  الذي كانت نجمته قبل سنوات، يترك"الجوهري" المجال ل"رجاء"،بالاسترسال،والتعبير عن ذاتها ومكنوناتها، عن تلك الاحلام التي تبخرت على مشاجب الاهمال،عن الالم الذي عاشته وتعيشه، وعن هوة النجومية التي اسقطتها بعيدا، وعن ادانتها من العائلة لمشاركتها في فيلم سينمائي،واخراجهم لها من حياتهم،لكنها في نفس الوقت تتحدث بشغف، عن الاحلام التي تراودها،وتبرز صلابتها، وروحها القوية، وحالة التحدي الاستثنائية التي تواجه بها الحياة.
ان العفوية والتلقائية والصدق الذي تتحدث به، والبوح عن مكنوناتها،لم يؤثر على ايقاع السرد،فهي تفرض نفسها على المتلقي، وقد اعطاها"الجوهري" مساحة التعبير،التي وصلت بها الى لحظات انسانية عالية في اكثر من محطة توقفت فيها عبر رحلتها المرهقة.
وهنا يتفرد المخرج"الجوهري" بانه اختار فتاة عاشت مفارقة غير عادية،شاركت في فيلم،اوصلها للنجومية من جهة،ودفعها نحو الشقاء من جهة اخرى،وهذه حكاية تحتاج الى رؤية خاصة،والى صبر طويل بمعايشة على مدارحوالي  10 سنوات،لانه لم يرسم خطا للفيلم منذ البداية، انما تركه مشرعا على الاحتمالات، دون ان يستعجل النهاية،انما يترك توالد الحكايات في مسارها،باحساسها ونبضها وعفويتها وتمردها ،وكذبة الاضواء والشهرة،وادانتها لواقع اجتماعي، ووسط فني كان اكثر قسوة عليها.
فيلم"رجاء بنت الملاح" ليس مجرد سيرة ذاتية،انما محاولة للعبور الى تفاصيل واقع بتحولاته المختلفة،وكأن هذه الحكاية مثل المرايا،تطرح اسئلة جارحة على المجتمع،وان دموع "رجاء" في الفيلم، جاءت وكانها هجاء للوسط الفني وللحياة بشكل عام.
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون