2023 ,22 أيار
رانية حداد: صوت العرب: الاردن.
في ختام ليالي الفيلم اللبناني الذ اقامته لجنة السينما في مؤسسة شومان ، يعرض غدا الفيلم التسجيلي" لولا فسحة المترو" في الساعة السادسة والنصف، وبحضور المخرج" جورج الهاشم".
بأمل ومغامرة كبيرة تستنزف الكثير من المال غير المتوفر بالأصل، بادر هشام جابر عام 2011 إلى تأسيس مسرح "مترو المدينة" في مدينة بيروت، وفي عام 2013 أُطلق عرض "هشك بشكك" المستمر عرضه للآن، وهو استعراض غنائي ممسرح، يمزج بين الموسيقى والغناء والتمثيل والرقص، ويستوحي أجواءه من فن الكباريه الذي يقدم الترفيه بما يحتوي من استعراضات وأغاني ومقاطع من أفلام مصرية قديمة، حيث "الفرح أساس تجربتنا ومفتاح كبير ضد الخوف والظلم" هكذا يقول هشام جابر في إحدى اللقاءات... وربما هذا هو سر نجاح العرض لسنوات طويلة، ومدخلاً جيداً لقراءة فيلم "لولا فسحة المترو" الذي يوثق هذه التجربة.
فما الذي آثار فضول المخرج جورج الهاشم ودفعه ليوثق هذه التجربة سينمائياً؟ هل هو فعل المغامرة بحد ذاته الذي كان وراء ولادة هذه التجربة؟ هل هي فرادة التجربة الفنية التي كان من الممكن لها أن تفشل؟ هل هي الحالة التي خلقها الفيلم عند الناس؟ أم هم المبدعون القائمون على هذه التجربة، حيث الفضول الكبير بتقصي حقيقة حياة من يصنع تلك البهجة؟ فهل حياتهم تنطوي على بهجة مماثلة؟ ماذا يمثل مسرح "مترو المدينة" بالنسبة لكل منهم؟ وغيرها الكثير الكثير من الأسئلة التي يبدو أنها استفزت المخرج ليقدم لنا هذا العمل الفني المصاغ بجماليات سينمائية تدفعنا للتفكير والتأمل والاستمتاع.
يبدأ جورج الهاشم بتوثيق التجربة بتتبع مسار حياة كل من الثمانية مبدعين الذين يقدمون عرض "هشك بشك" الممسرح، حيث وجد هؤلاء في "مترو المدينة" مساحة لإظهار شغفهم، وجدوا فيه ملاذهم الآمن، ليصبح لا مجرد خشبة مسرح يقدمون عليها البهجة للناس وحسب، وإنما فضاء يمنحهم فسحة أمل وسط حياة قاسية وصعبة خذلتهم في أغلب الأحيان.
يتتبع المخرج جورج الهاشم مسار هذه الشخصيات في كواليس المسرح وخارج الفضاء المسرحي، معرجاُ على نقاط مفصلية حددت مساراتهم، ذاهبا الى أماكن تربطهم بها علاقة حميمة، راسماً بورتريه لكل منهم يعكس معه حياتهم الخاصة وخيباتهم، وبعض الذكريات من الحرب الأهلية التي طبعت آثارها النفسية عليهم، ومن جهة أخرى تعكس البورتريهات الحياة اليومية في البلد، وكيفية تعامل هذه الشخصيات مع التحولات القاسية في الحياة من حولهم، فمثلا حين اندلعت ثورة الشعب اللبناني في أكتوبر 2019، جمد أعضاء المسرح فعالياتهم ونزلوا إلى الشارع، وهذا ما يوثقه الفيلم، إذا نحن أمام عدد من البورتريهات ترسم في مجموعها في الخلفية بورتريه أكبر لبلد وشعب انهكته الهموم والأزمات السياسية والاقتصادية الصعبة، لكن مع فسحة أملٍ لا يمكن التخلي عنها ما دام قلبهم ينبض بالحياة، تجد تجسيدها في عروض "مترو المدينة".
فيلم "لولا فسحة المترو" من الأفلام الوثائقية الجميلة التي تم انتاجها حديثاً 2022، وكان عرضه العالمي الأول في الدورة الثانية عشر لمهرجان مالمو للفيلم العربي حيث حاز على جائزة أفضل فيلم وثائقي.