رسوم لاوعر الثنايا نحو الذوات المجهولة.
2024 ,26 شباط
*بدر ٱلدين بن هندة:صوت العرب – تونس.
ليس دائما من ٱلسهل هذه ٱلأيام أن يفتح ٱلواحد بيته لغير أقرب ٱلمقربين لديه..فما بالك بعمق ذاته ٱلذي لم يذهب فيه بعيدا هو نفسه..وحده ٱلفنان ووحدها ٱلفنانة يسمحان بتجاوز عتبات فضاآتهما ٱلحميمة للضيوف.. وخاصة لأولئك ٱلضيوف ٱلذين يبحثون بدورهم عن عمق يشبه عمقهم لكي يلتقوا ذواتهم فيه ويغوصوا في ٱلإستفهام بل في ٱلإستفهامات حول ما لم يدركوه عن خفاياهم وأركانهم ٱلعديدة ٱلتى لا تنتظر إلا قدرا قليلا من ٱلنّور لترى ٱلنور ولو للحظات برقية ثم تختفي ثانية وكأنها تلاعب ٱلباحث عنها وفيها تارة تظهر وتتجلى مثل يقين مرئي وملموس وتارة تتمنع وتتوارى خلف أحجبة تشبه ٱلسحاب ٱلشفاف ٱلذي لا يكشف شيئا لكنه يوحي بأشياء..
هكذا هو معرض فوزية ضيف ٱلله..يفتح أبوابه لمن تغريه وتسليه هذه ٱللعبة ٱلمألوفة لدى كل ٱلباحثين بشوق وذوق ووسع بال عن ٱللامألوف وٱللامعروف في ذات ٱلفرد..إن لوحات فوزية ضيف ٱلله رسوم لأوعر ٱلثنايا نحو ٱلذوات ٱلمجهولة في كل واحد يشتهي ويخاف ٱكتشافها في نفس ٱلوقت..وٱلفنانة ٱلفيلسوفة لا تقودك إليها بل تدلك فقط على أمتع ٱلسبل وٱلرحلات ٱلتي تقربك منها ــوإن كانت صعبة وطويلة ــ..هي لوحات تتكلم لغة ٱلإشعاعات ٱلمتناثرة..إنها شرارات من نور وشظايا من علم لا متكامل ولا متجانس يثير ٱلسؤال تلو ٱلآخر وينتهي بضيوف "ضيف ٱلله" حيث منبع كل حقيقة مهما كان نوعها، أي إلى ٱلإستفهام وإلى ٱلتلمّس..ألوان فوزية ليست للفرجة، أشكال فوزية ليست للفرجة، ومعرض فوزية ليس للفرجة..لا شيء هنا للفرجة ٱلعابرة..فإما ٱلتوقف عند كل إشارة وكل إثارة وإما ٱلاكتفاء بما لا يكفي أبدا..
ولا تغرينكم بعض ٱلخيالات شبه ٱلواضحة ولا ٱلخطوط شبه ٱلمستقيمة في لوحات فوزية..إنها فعلا مغريات تهدى لمن يخاف ٱلألعاب ٱلغريبة ..وفوزية ٱلفيلسوفة ٱلفنانة تعشق ٱلألعاب ٱلغريبة ولا تملها إلا إذا فقدت غرابتها..إن أي لوحة من لوحات فوزية غرابة لوحدها بل هي كل ٱلغرابات مجتمعة..وٱلعارفون في ٱلفنون وٱلعلوم وٱلفلسفة وٱلشعر وٱلخلق وٱلإبداع بشكل عام يدركون أن ٱلغرابة هي أفضل ٱلمنشطات ٱلملهمة..ولوحات "ضيف ٱلله" إلهام على إلهام..هن إذن في ٱنتظاركم ــ وأقصد هنا بالضمير "هن" فوزية ولوحاتها أو إن شئتم فوزية وأخواتها أو كذلك "فوزية..وبناتها" !
*كاتب وشاعر تونسي.
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون