نساء في امرأة.
2024 ,20 كانون الثاني
تستعدّ  الفنانة التشكيلية زكية قارة لمعرضها الفردي الأول .
 د. فوزية ضيف الله:صوت العرب - تونس.
لقد اخترت لهذا المقال عنوان "نساء في امرأة" وهو العنوان نفسه الذي  أطلقته التشكيلية زكية قارة على إحدى لوحاتها.  فهو العنوان الذي يمكن أن يحتوي في نظري هذه اللوحات. جاءت الرسامة زكية قارة من عالم القانون، فقد تحصلت على الاجازة في الحقوق من كلية الحقوق بتونس، وتخصصت في القانون العقاري، ولكن نداء الرسم غير مسار حياتها، منذ 2019 فولجت عالم الألوان في ورشة الأكاديمية نورة بجاوي، تعلمت عندها على امتداد ثلاث سنوات، مبادئ الرسم الخطي، وعالم مزج الألوان والمنظوريات.  
تقول زكية قارة، كانت الطفلة في تحلم بهدوء، ربّما لم تسمح لها دراسة القانون أن تعبّر وتلوّن، فقد كانت الفصول والقزانين، حاجزا أمام حرية الابداع الفني. ولكن بعد فترة تمردت تلك الطفلة وتيقّظت، تطالب بنصيبها من اللعب، فمسكت الأقلام والألوان وانسحبت نحو فضاءات رحبة وجميلة. 
ربّما كان التكوين الصارم في حاجة إلى الاتزان  الفني، ولكن ما تعلمته في القانون، حولته في حصص الرسم الى عوالم أخرى، تستعمل فيها قياسات هندسية وقياسات رسم الوجه والأسطح والأطراف والمنظوريات والتمييز بين الظل والضوء، والتمييز بين الدرجات اللونية المختلفة. 
تضمّ لوحة "الفن امرأة"، ثلاث نساء، الأولى ترسم، الثانية تعزف والثالثة تطالع كتابا. تحيط بهن الألوان الزاهية والأشكال المختلفة، والتي تذل في مجملها على الحياة والحب والفرح.  لا تركز الرسامة على التفاصيل الخاصة بالملامح، وهو ما يجعل اللوحة أقرب إلى شبه التشخيصي، كأنها تأخذ صورا من الذاكرة الجماعية أو من ذاكرتها، تعيد رسمها بضبابية تخرج بها عن الرسم الدقيق  والمنضبط. 
تجسّد لوحة "نساء في امرأة" حجم المسؤوليات التي تتحملها وتتقنها المرأة، من بيت وأطفال ودراسة اضافة الى الفن والموسيقى والمطالعة، كأنها تصف خصال المرأة القوية التي تختزل في كنهها جميع النساء. 
 تعكس هذه اللوحات فكرا يحمل قضية المرأة على محمل الجدّ، وتريد التعبير عنها وفق نعومة فنية، هي نعومة الأشكال والألوان، فيكون سياق التصريح بالفكرة سياقا منسابا، يمكن تقبله تقبلا هادئا. هي ثورة ناعمة، وإن أخطر الثورات هي الناعمة، تعرف كيفية التغلغل في الفكر وفي الروح. 
تدغدغ هاته الرسومات، تذوق المتقبل من خلال اختيار المواضيع، كأنها  تحاول أن تتمعن في استمالته الى اللوحة، برقة دقيقة وتفاصيل جميلة توحي بالحرية والراحة والانعتاق.
تسرد حكاية ملونة، أو تكتب قصيدة مرسومة، تختار مكوناتها بكل دقّة وبكل نعومة. وتظلّ الروح الفنية للرسامة هي نفسها في كل اللوحات، امرأة تعبر برقي ورفعة وشموخ عن حيرة امرأة أمام نفسها وأمام الفن الذي زارها وسار بها نحو معالم الانعتاق والحرية والجمال. 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون