العرض المسرحي "بأم عيني" للفنان "غنام غنام" في نادي الجليل- مخيم اربد: اين الاحتلال؟.
2023 ,17 نيسان
الفنان "غنام غنام"- بأم عيني
صوت العرب: الاردن.
استضافت قاعة القدس في نادي الجليل /مخيم إربد العرض المسرحي "بامّ عيني1948" للفنان غنام غنام، والذي نظمه فرع إربد لرابطة الكتاب الأردنيين بالتعاون مع النادي. ومعروف أن ما يميز أعمال غنام غنام مخاطبتها للوعي – تأسيسا وبناءا-، غنام فنان التقاط التفاصيل، يعيد صياغتها ويقدّمها حارّة ولاسعة في عمل فرجوي بسيط. 
في عرضه  "بأم عيني1948" يعرض معركة تحرير يومية -هي يوم الفلسطيني العادي في الداخل- تتراكم وعياً وحضورا وذاكرة. تجاوز العرض تجربة غنام الشخصية، وتحوّل إلى شاشة تعرض قلوب ونبض وأمنيات ودموع الحاضرين ... غنام أثار مجددا سؤالي الهزيمة والوعي ، وأثار شهيتنا لانتصارات صغيرة وحرية قادمة يبشر بها نبي التفاصيل.
وقال صالح حمدوني أمين سرّ فرع الرابطة في إربد إننا نفتخر أن يكون غنام غنام فاتحة النشاط الثقافي في مخيم إربد، ونفتخر أنه المناسبة الأجمل لاستعادة رابطة الكتاب الأردنيين فرع إربد دورها في تقديم الابداع الملتزم والواعي عبر التشارك مع المؤسسات المعنية بالمشهد الثقافي .
هنا نحاول رصد بعض تفاعلات الجمهور الذي حضر العرض:
الروائي عبد السلام صالح/ عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين:
بأم عيني ١٩٤٨ للفنان المبدع غنام غنام ، عمل مسرحي رائع استطاع غنام أن يأخذنا فيه إلى "البلاد ".. لفلسطين كل فلسطين من بحرها لنهرها ، عمل جميل جدا تفاعلنا وغنينا وحبسنا دمعنا وهو يحلّق ويطّوف بنا في حيفا وعكا والناصرة ، ونحن نرى معه بحرها ونشمّ هوائها وترابها وطيبة وصمود وجمال أهلها .. عشنا مع غنام تجربته كأنها تجربتنا في فلسطين .. حقق غنام في هذا العرض المتعة والفائدة وثبات الموقف الوطني  .. وكثير من تفاصيل وعيه ووعينا الوطني والإنساني والاجتماعي .. شكرا ملء القلب غنام غنام
أحمد طناش شطناوي/ رئيس فرع الرابطة في إربد:
خلال أمسية رمضانية استثنائية جمعتني بالفنان المسرحي غنام غنام، وسط جمهور مثقف ونوعي، نسينا الوقت حين استطاع غنام أن يسرق منا نظراتنا وعقولنا في رحلة مسرحية غير عادية، حينما توسط الجمع وأخذ يتجول جيئة وذهابا بين الجمهور، وهو يسرد علينا مشاعره التي استطاع بحرفيّة أن يجعلنا نعيشها . كان عرضا مسرحيا لم نعتده من قبل، غنينا معه لفلسطين، للشهيد، للمكان الفلسطيني، للتراب الحرّ، للأبطال، وللشجر، عشنا معه تفاصيل رحلة يملؤها الأمل والألم، تفاصيلا لن يستطيعها إلا من عايشها، وتسلل لها بروحه وقلبه . وما زال غنام يروح ويجيء نعدّ له الخطوات بشغف وننتظر أن يكمل قصته، تعابيره التي لن تختفي من ذاكرتنا حين قابل ابنتيه في غرفة الفندق، دمعته التي حاول أن يخفيها عنا، ارتجافة صوته التي حاول أن يداريها، وكثير من التفاصيل التي لن تغيب، شكرا لك يا غنام وشكرا لفرع رابطة الكتاب الأردنيين في إربد، الذي نظم لهذه الأمسية وشكرا لنادي الجليل الذي احتضنها ، شكرا لصالح حمدوني الذي تكبد عناء التفاصيل وشكرا لعمر أبو الهيجاء الذي نسق لهذا العرض.
شريف الحاج حسين –  مخيم إربد:
بأم عيني 1948 مسرحية بفن متفرد أبدع به فناننا اللاجئ الملتزم بقضيته الأصيل غنام غنام (أبو غسان) .. المسرح التفاعلي أو مسرح الفرجة حين يكون الجمهور بأم عين غنام!. 
بأم عيني .. حكاية اللاجئ الذي زار الوطن .. وتسلل خلسة عن أعين الاحتلال ورغما عنه إلى وطنه ليجمع شمله بإبنتيه وبالناصرة وحيفا وعكا.. وبغسان كنفاني.. وبعطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي، حكاية اللاجئ الذي تساءل طوال مكوثه في البلاد .. بلاده وبلادنا السليبة: أين الاحتلال؟.. هذا الاحتلال البشع الذي يجثم مستبدا فوق بلادنا .. حكاية اللاجئ الذي يتساءل وترك لنا الإجابة عن سرّ الهزيمة المستمرة، رغم أن كل البلاد تتكلم بلهجتنا .. كل حجر فيها وكل زقاق وشارع وكل طوبة في سور عكا .. وحتى فوالك بحارتها .. وحفيدته تنشد: أنا دمي فلسطيني!.. فيستنفر صوتها ودمها جنود الاحتلال على ظهر قواربهم في عرض البحر.
 
إلا أن الجواب الحتمي هو .. ستكون أمهات العيون التي تجولت في البلاد مع أبو غسان هي المسدس الذي سيخرج منه رصاص الخلاص من نير هذا الاحتلال. 
فرجة لن يفهمها إلا الحالمين بالعودة، الذين لطالما كان الوطن في عيونهم، بل بأم عيونهم. أبدعت أيها اللاجئ العائد .. يا ابن الوطن والمنافي يا ابن مخيم اربد وكل المخيمات .. وهذا العهد الأبدي بينك وبيننا وبين البلاد بأننا لن نموت في المنفى.. أبدعت غنام غنام.. أبو غسان.
الكاتب محمد ساري:
رأيتُ "بأمِّ عيني 1948"، هكذا دفعةً واحدة تجدُ نفسك أمام سردية الحياة والحق. ليست المرة الأولى التي أشاهد بها العمل، لكنها بالحقيقة تبدو كذلك فعلا، لأنّ غنّام غنّام كان أمامي مباشرة، وكنتُ محظوظا جدا، وانا أجلس في أعلى وأوسط مكان في قاعة نادي الجليل في مخيم إربد، تخيلتُ نفسي أطلُّ من فوق سور عكا، وأشاهد غنّام وروحه يتحركان بخفّة وبراعة.. غنّام غنّام لم يكن يمثّل، ولم يكن يمارس أي سحر -لكنه فعل-، كلُّ ما في الأمر أنّه أعادَ فلسطين مرّة أخرى لقلبي، وهي لم تخرج منه اطلاقا، جعلني أشعر بفلسطينيتي، وأشمُّ رائحة التفاصيل في كلامه، وليس مثل كلامه كلام حين يسردُ روايته عمّا رآه، والمفارقات العجيبة. رأيتُ في القاعة، وبكيتُ في البيتِ، كانت ليلةً هادئة ومجنونةً، وممّا قلت لغنّام على ماسنجر ليلتها: أنتَ وطنٌ كاملٌ يمشي على الأرض ! غنّام غنّام في هذا العمل البديع، غيّر بضع معادلات في المسرح، هو أزاح الستارة حقّا، ولن تُغلق الستارة أبدا إلّا بزوال الاحتلال..
المسرحي زهير أبو حسان:
بأم عيني شاهدت ما رواه لنا غنام غنام الذي سحرنا بأدائه وحملنا على جناحيه وحلق بنا في سماء فلسطين .بأم عيني شاهدت الناصرة وشوارعها وأهلها الصامدين المرابطين، وبأم عيني شاهدت حيفا وشممت رائحة بحرها وجمال شوارعها ومقاهيها وتذوقت طعامها .
بأم عيني شاهدت مع غنام عكا وسورها وقلعة الجزار وبكيت معه على ثلاثة كانوا رجال وأقدامهم عليت فوق رقبة جلاد وصاروا مثل يا خال صرخت بفخر عطا .. لي، وجمجوم .. لي، وحجازي .. لي،  والبحر والأرض لي، وزادت نشوتي عندما شاهدت بأم عيني بيت غسان كنفاني، وبأم عيني عبرت مع غسان إلى الأرض المحتلة وكيف استطاع أهلنا اجتياز الحواجز بدون وجل أو خوف. 
غنينا مع غنام  هدي يا بحر هدي ومن سجن عكا  وأخي جاوز الظالمون المدى .
كم أنت رائع ومبدع يا غنام غنام، كم أيقنت أنك تمثلني وأنك يا أبا غسان لي كما هو البحر والأرض والهواء لي، وفلسطين كل فلسطين لي. أقف أمامك شامخا رافعا الرأس متسائلا أين الاحتلال؟. إنه أوهن من بيت العنكبوت يا غنام ... أعتز بك وافتخر
أحمد غرايبة/ مسرحي:
تعليلة منظمة بغربال مسرحي، شاهد شيخ التعليلة بأم عينه وشاهدنا بأم عقولنا وقد تحدث لنا عن كل محطة عاشها كانت مليئة  بأحداثها، في  طرفها فرح وفي طرفها الآخر ألم. فكنت معه في كل مراحل الرحلة، وكنت في قمة التوتر حيث هواجس قاتلة، وجرح عميق لا يترك خلية واحدة عند المعبر إلى حيفا، وحمدت الله عندما تحركت السيارة وذهبت إلى وجهة غنام. فكانت فرحتي عندما التقى ابنتيه وكنت أسكن بين شفتيه وخدود أحفاده وأشعر بفرحة ضمّه لهم وأقف إلى جانب ابنتيه أتابع هذا الحدث الذي يشبه حلم لا نريد أن نصحو منه أبداً. فشربت معه القهوة واستمتعت بها وكنت أحد قطرات الماء المنبعثة من موج بحر حيفا. وأخيرا شكري وتقديري إلى التفاحة. نعم لقد أنزلت أبونا آدم من الجنة، لكنها اليوم تساهم في لمّ شمل غنام.
فتحي الضمور/مسرحي:
بأمّ عيني 1984، عرض مسرحي بديع، استطاع فيه الغنّام أن يمزج ما بين الحزن والفرح في آنٍ معاً، وكان فريقاً متكاملاً وحده، مذهلاً حدّ الدهشة.
غنّام غنّام نبش في هذا العمل ذاكرته المكانية والزمانية وذاكرة الشخوص، حتى علِقت –بحبّ- في أرواح جمهوره النخبويّ، فأثرى بها أرشيفهم الوطنيّ بمفردات فلسطينية، حفرتْ حروفها على ثرى فلسطين بماء الذهب والدم.
الغنّام في هذا العمل أيضاً، بدّد فكرة المملّ الفني الذي يُصاب به الجمهور عندما يمتدّ أيّ عمل لأكثر من نصف ساعة في هذا الزمن الرديء؛ فكان لأكثر من ساعة ونصف الساعة، يجتاح وجدان الحاضرين ويخترق أفئدتهم بسلاسة وتؤدة، وكأنّ الوقت معه طرفة عين وارتداها، أو غفوة حملنا فيها لنصحو في فلسطين مفترشين ترابها، وملتحفين سماءَها، ومصفّقين لشهدائها، غير آبهين للرجوع إلى بيوتهم دون فلسطين بكلّ تفاصيلها الأزليّة والأبديّة.
ومن إبداعات الغنّام في هذا العمل، الكوميديا الساخرة التي أبهجنا بها ونثرها علينا لحظة نشيج روحه وأنين قلبه. وأرى كمتذوق، بأنّها هي الكوميديا الحقّة والحقيقيّة، عندما تجبرك الأحزان والذكريات على الضحك من صانعيها البشر الأوغاد، العابثين بحياتنا الحلوة.
غنّام غنّام، يكاد أن يكون رائد المسرح الوطنيّ في الوطن العربيّ كلّه الآن، بل هو كذلك وأبعد من ذلك.
بقي أن أقول بأنّ الحديث عن هذا العرض، يحتاج إلى بحث أو دراسة أو رسالة دكتوراة؛ حتى نقف على المعنى الحقيقي للمسرح، الذي أصبح الآن يعجّ بشخوص على خشبة المسرح، ترى بأنّ الكوميديا صُراخ وفوضى، وأن التراجيديا –فقط- دموع ونُواح!
الصحفي والمسرحي عبد الرحيم غنام: 
هذا يوم تاريخي لم نشاهد مثله في مخيم إربد منذ عقود،  عرض مسرحية غنام غنام يليق بهذا النادي ورابطة الكتّاب. غنام غنام كما عهدته وعرفته، ما زال مناضلا وفنانا بارعا قادر على تقديم عمل متكامل بنجاح. غنام صاحب كلمة لا يتنازل عنها. 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون