في حوارية مؤسسة شومان:وزيرة الثقافة تؤكد أهمية وجود تصور عام مرن للثقافة الوطنية.
2022 ,01 شباط
النجار: على الخطاب الثقافي العربي أن يتحلى بالمرونة والاستجابة لمتطلبات العصر المدنية.
قسيسية: المجتمع طور وعيه بكينونته الأردنية، وبأنه جزء من عالم عربي يواجه تحديات خاصة، ومن ثقافة إنسانية كاملة تحاول التشبث بالبقاء فوق هذا الكوكب، وخلق تعايش مقبول بين مكوناتها.
صوت العرب:الاردن.
أكدت وزيرة الثقافة هيفاء النجار، أهمية وجود تصور عام مرن للثقافة الوطنية، يحترم الخصوصيات، ويتيح لها حرية التفاعل الديمقراطي الذي سينمو مع الزمن بحكم العيش المشترك تحت سقف المواطنة القائمة على التكافؤ في الحقوق والواجبات التي يقرها الدستور والقوانين النافذة بشكل عادل، مع الحرص على أن ترعى الدولة المدنية ببنيتها التشريعية وهياكلها المؤسسية كل ما من شأنه أن يعزز التعايش، ويحفظ السلم والأمن الاجتماعيين، ويعمق أواصر الأخوة والمحبة بين جميع المواطنين.
وقالت خلال حوارية نظمها منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، مساء أمس الاثنين، بعنوان "منظور ثقافي جديد في المئوية الثانية"، أدارتها الرئيسة التنفيذية لمؤسسة شومان فالنتينا قسيسية، إن الثقافة العربية تمثل إطارًا عامًا وعريضًا، تندرج تحته العديد من الثقافات الفرعية، مبينة أننا بحاجة لخطاب ثقافي عصري يدور في منطقة تتقاطع فيها جميع العناصر والمكونات الاجتماعية.
وأشارت النجار الى ضرورة أن يقوم التصور التكاملي الشامل لثقافة المجتمعات العربية على أساس مراعاة التكوين الأفقي للثقافة من حيث شمولية التصور لجميع العناصر والكتل البشرية، ومراعاة عوامل التجانس لدى كل كتلة بشرية في كل مجتمع من المجتمعات العربية المتعددة واحترامها، وعدم المساس بها باعتبارها نكهة خاصة لهذه الكتلة أو المجموعة البشرية، وتعزيز منظومة القيم الوطنية العامة.
وأوضحت أن التجارب التي خاضتها مجتمعاتنا العربية في تبني المناهج والتيارات الفكرية الشمولية لم تصمد كثيرا، ولم تحقق الأهداف التي وجدت من أجلها، وظلت مجتمعاتنا في مستويات متواضعة من التنمية والاستقرار، ولهذا فإن على الخطاب الثقافي العربي أن يتحلى بالمرونة والاستجابة لمتطلبات العصر المدنية، مؤكدة الحاجة الى تنمية القدرة لدى الأجيال القادمة على إدارة الاختلاف والتنوع بالشكل الأمثل، وهذه مسؤولية الدول والحكومات في زرع هذه البذور الثقافية في الطرق والمسارب التي يسلكها الأطفال ليعثروا عليها في مناهجهم وألعابهم ووسائل الإعلام الموجهة إليهم. 
وأشارت النجار الى أن أبرز الملامح العامة للمشروع الثقافي العربي الشامل والمسارات التي يجب أن يسلكها تتمثل في تعميق الاعتزاز باللغة العربية بوصفها وجها آخر للثقافة الجامعة، وبذل كل ما من شأنه المحافظة عليها، وتعزيز فكرة المواطنة بوصفها الرابطة الثقافية الجديدة في المجتمعات الحديثة، وتعميقها في نفوس المواطنين، وما يتضمنه ذلك من حقوق وواجبات نحو المجتمع، مع التركيز على جميع الحقوق التي تليق بالإنسان، وصياغتها دستوريا وقانونيا بما يكفي؛ لتكون موضع اهتمام من الحكومات والإدارات والسلطات الحاكمة، أما الواجبات فهي مؤكدة بما يكفي، كما أنها تولد وتتعزز عاطفيا ووجدانيا كلما تراكمت الحقوق وتحققت، كذلك بناء المؤسسات الديمقراطية، وتعزيز حضورها في جميع قطاعات المجتمع، وتعظيم دور مؤسسات المجتمع المدني، ودعمها وتمكينها لتلعب دورها في القيادة المجتمعية، إضافة الى تعميق المعرفة بتكنولوجيا المعلومات، وتفعيلها ونشرها بين الناس، ومحو الأمية فيها بين جميع شرائح المجتمع، وتعزيز ثوابت الفكر الإنساني المستنير بما يعزز النظرة الإيجابية وثقافة الأمل نحو المستقبل، وما يتصل بذلك من قيم الخير، والحق، والجمال، والعدل، والحرية والتسامح واحترام الآخر، من خلال روافد بناء الثقافة كالتعليم والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز عناصر التكامل العربي على المستويات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، والقدرة على إدارة التنوع والاختلاف وتحويله من تحديات تتهدد وحدة المجتمع إلى فرص حقيقية للتنمية والاستقرار. 
وكانت قسيسية أشارت في بداية الحوارية الى أننا في الأردن، كنا محظوظين بعبورنا مئوية كاملة كرسناها للتغيير الثقافي عبر تطوير كبير في أنماط الإنتاج والحياة، منوهة الى أننا تحولنا إلى مدنية متقدمة عبر تكريس التعليم، ومراعاة اختيار الأنموذج التعليمي الذي يتماشى مع أهدافنا. 
وقالت إن المجتمع طور وعيه بكينونته الأردنية، وبأنه جزء من عالم عربي يواجه تحديات خاصة، ومن ثقافة إنسانية كاملة تحاول التشبث بالبقاء فوق هذا الكوكب، وخلق تعايش مقبول بين مكوناتها، من خلال قبول الآخر، أيا كان ذلك الآخر.
وأضافت أننا اليوم، نأتي إلى المئوية الثانية، والتي تفرض علينا تبني نموذجا ثقافيا جديدا، إذا أردنا أن نطور أدوات مقاومتنا للتحديات المفروضة علينا، كما ينبغي علينا استشراف الدور الذي نريده للثقافة في صناعة غدنا الأردني، والأسس التي نبني عليها ثقافتنا المستقبلية، من غير أن نفقد صلتنا بتاريخنا وقيمنا وإرثنا المستند إلى تاريخ شعب ناضل عقودا طويلة في منطقة حبلى بالصراعات، لكي يثبت أقدامه فوق هذه الأرض، وأيضا يستند إلى تاريخ أمة امتد وجودها قرونا طويلة، وقدمت للإنسانية فكرا وثقافة وفلسفة ما تزال قائمة إلى اليوم، حتى في صروح العلم الغربية.
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون