"المسرح المعاصر والأسطورة":الندوة الفكرية للدورة 33 لمهرجان علي بن عياد للمسرح.
2024 ,30 أيار
صوت العرب:تونس.
عقدت بالمكتبة العمومية بحمام الأنف الندوة الفكرية للدورة 33 لمهرجان علي بن عياد للمسرح تحت عنوان "المسرح المعاصر والأسطورة" التي أشرف عليها وأدارها الدكتور محمد مسعود ادريس الكاتب والباحث المختص في الشأن المسرحي وقدمت مداخلات للأساتذة  الناقدة الدكتورة فوزية المزي الكاتب والباحث الدكتور حمدي الحمايدي  الكاتب والمخرج الدكتور محمد الكشو .
وافتتح الدكتور محمد مسعود ادريس الجلسة بوضع الندوة في إطارها   واعتبر أن الموضوع يتناول تشعبات واسعة جدا منذ بداية المسرح إلى اليوم وبين أنه قد تم استعمال الاسطورة في البداية باعتبارها الدافع الأول وهي التي حفزت العديد من التيارات المسرحية إلى إبداعات متعددة وبين أن في تونس أيضا وفي بدايات المسرح قدمت مسرحيات تتناول الأسطورة وبين أن الفنان علي بن عياد كان شغوفا بتناول المسرح الإغريقي وقدم الدكتور محمد مسعود ادريس لمحة عن مسيرة الفنان علي بن عياد خاصة الحس الوطني الذي يتمتع به وهو قريب جدا من الحس الاسطوري الذي يميز الشخصيات المسرحية التي قدمها في أعماله واعتبر ان علي بن عياد بالنظر لمسيرته ولكل ما قدمه ولتكوينه الشامل  هو شخصية فذة لا محالة إذ استعان بكل معاصريه من الكتاب والمخرجين والتقنيين والمؤرخين من تونس وخارجها وهو ما جعله من أهم الأسماء في التاريخ المسرحي التونسي.
وبدأ الدكتور حمدي الحمايدي مداخلته التي عنونها ب" كيف أصبح مسرحيون تونسيون أسطورة؟ "معتبرا أن تحديد مفهوم الأسطورة اليوم يعتبر أمرا صعبا وقدم تعريفات للأسطورة بمختلف أشكالها لعديد المنظرين عبر التاريخ في هذا الشأن..تبين الفرق بين السيرة البطولية و الأسطورة و لاستكشاف سر ظاهرة تتعلق بعدد هام من المسرحيين التونسييين الذين أصبحوا أسطورة سواء بالنسبة للمحيطين بهم والمقربين منهم أو بالنسبة إلى عامة الناس استعان  في البحث بالذكاء الاصطناعي.كما تناول العوامل التي تتصل بالصفات الذاتية ثم الظروف والمعطيات الخارجية التي تساهم في أن يصبح الفرد اسطورة مدعما ذلك باسماء وأعمال وتجارب مسرحية وتواريخ تونسية معروفة مثل سيرة الفنان علي بن عياد الاستثنائية .موضحا"أن المسرحيين التونسيين الذين يصلون الى درجة الاسطورة يكونون جزءا هاما من ما يسمى ب"ميثولوجيا الحياة اليومية" اي من مافي واقعنا المعيش من ظواهر أصبحت هي أيضا عنصرا اسطوريا تجاوز عالم الملموس وصارت كائنا من نسيج  الخيال" واعتبر أن المسألة متشعبة جدا وتتطلب دراسات موسعة.
أما الدكتورة فوزية المزي فقدمت مداخلة بعنوان " عود على بدء"  وانطلقت من طرح جملة من الأسئلة حول مفهوم الأسطورة ومفهوم السيرة واعتبرت أن "الخلط بين هذين المصطلحين جعل الباحث والناقد والاعلامي يستعملون مصطلح الاسطورة لا في معناها الفلسفي الارسطوطاليسي ولكن في معناها الانطباعي لتقييم مبدع أو اثر فني او مسار فني" واعتبرت أن "عملية جدل انطلقت بشكل جعل المسرح ينهل من الاسطورة , بنيتها الجدلية التي تستحضر اللاهوت في سلطته وقوته وطغيانه يقابلها المسار الإنساني المتخبط في واقع متحرك متغير دون انقطاع تعتمل فيه التساؤلات الحائرة والشك في الثوابت" هذا المعنى الجدلي هو الذي ركز عليه المسرح. وتحدثت عن الاسطورة في علاقتها بالعلوم الانسانية وخاصة في المجال النفسي . ثم تطرح سؤالا شائكا وهو "هل اهتم المسرح التونسي بالاسطورة؟" واعتبرت أن "المسرح التونسي لم يهتم بالاسطورة على شاكلة بقية التجارب في العالم" لتأثره بالمسرح المشرقي من ناحية والظروف الاجتماعية والسياسية الخصوصية التي بدات فيها التجربة المسرحية التونسية  "هذه المرحلة من الغليان الفكري ذي المنحى الإصلاحي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي سيحول وجهة أهداف المسرح التونسي ليعيد صياغة أدواته الابداعية ويتفكر في مصطلحاته وعناصره المختلفة من نص واخراج وتمثيل وسينوغرافيا الى ان يشكل مشروعا لنص يكتبه واقعه.."
وتحدثت عن مرحلة معركة المسرح التونسي في فرض الاحتراف لينتج لغة خاصة به ويضع حدودا تجعله يتفرد. ثم أشارت الى عديد المراحل الهامة في تاريخ بناء التجربة المسرحية التونسية وتختم الدكتورة فوزية المزي  ب"ان هذا الطرح لعلاقة المسرح التونسي بالاسطورة لا شك يمثل مبحثا مهما يتوجب الوقوف عليه وتناوله تناولا علميا ونقديا في انتظار مقترحات لميثولوجيا تقارب الإبداع المسرحي غداة الثورة وهي في أوج تناقضاتها وهي أيضا في الوضع الأمثل الذي يمكن أن ينتج تعبيرات مسرحية تأخذ بناصية الدوكسا في مختلف أبعادها".
أما المداخلة الأخيرة فكانت بعنوان "الأسطورة ملازمة للمسرح" للباحث والمخرج المسرحي الدكتور محمد الكشو والتي تعرض فيها إلى علاقة الأسطورة بالمسرح عبر التاريخ  واعتبر أن الاسطورة تطورت لتصبح مسرحا واستعرض الكثير من التجارب العالمية والأعلام الذين تحدثوا عن هذه المسألة ومارسوها مثل أرسطو  راسين كورناي سارتر الخ... إلى الما بعد حداثة ومواضيعها الجنسانية وصولا إلى التجربة التونسية  انطلاقا من البحث الذي قام به وأصدره في كتاب وهو "المقدس والدنيوي من العيساوية إلى البلوط" والذي تحدث فيه عن الطريقة العيساوية وأسطورة التأسيس كمثالا وتحولها إلى عيساوية البلوط المرتكزة أساسا على الارتجال "فتتحول من بنى اسطورية منضبطة إلى بنى ارتجالية لعله ارتباك في التصورات الثقافية والاقتصادية والسياسية للتونسي ومحاولة إيجاد اسطورة اخرى أو اتفاق جماعي اخر لمقارعة الاستعمار "وقتها.
مداخلات قيمة أثارت جدلا بين الحضور الذي توجه بعديد الأسئلة والاستفسارات والملاحظات للأساتذة المحاضرين الذين أجمعوا أن الموضوع هام جدا ويستوجب دراسات وبحوث ولقاءات عديدة مماثلة .
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون