ضمن ايام قرطاج المسرحية 24:ورشة التّدريب على النّقد المسرحي.
2023 ,05 كانون الأول
صوت العرب-تونس.
في إطار الدورة 24 لمهرجان أيام قرطاج المسرحية، عقدت ورشة التّدريب على النّقد المسرحي،على مدار 3 ايام،وهي ورشة تضم النقد والإخراج وبناء الشخصية وفق منهج الحركية التفسية.
وقد كتبت منسقة اوراق الورشة" د. فوزيّة بلحاج المزّي" ورقة جاء فيها:
ليس لأنّ النّقد "صمت" كما يدّعي البعض وليس لأنّ النّقّاد أصبحوا قلّة، ولكن لأنّ النّقد دربة ومثابرة تضمن التّراكم وتضمن أيضا استمراريّة المدوّنة النّقديّة والحفاظ على سرديّتها وخلفتها التي ستتداولها الأجيال.
ذلك ما أوحى إلينا بمبادرة تنظيم ورشة التّدريب على النّقد المسرحي.
فالنّقد المسرحيّ الذي عانى من قلّة المحامل النّشريّة بل ومن غيابها، كما عانى من التّغييب في مدارج المعرفة الأكاديميّة، كانت له الصّحف السّيّارة والنّدوات القطاعيّة بديلا للتّعبير والإنتاج والبروز من خلال طروحات شكّلت مدوّنة مهمّة في المكتبة الوثائقيّة المسرحيّة.
على أنّ بروز الوسائط الإعلاميّة المتعدّدة حجبت الرّؤيا عن المحامل الورقيّة وهاجر النّقد إلى شبكات التّواصل الاجتماعي وإلى المحامل الالكترونيّة.
إلاّ أنّ هذه المحامل الجديدة لا تشترط معايير فكريّة ولا لغويّة ولا معرفيّة، وإنّما هي بمثابة "السّوق" الاتصالية المفتوحة على ال «العموم".
 أصبح من الوجوب التّمييز بين النّقد القائم على المعرفة من جهة وصنف آخر من "النّقد" العشوائي الذي تشوبه انزلاقات المحاباة والانطباعيّة والتّبسيط، بدعوى وتيرة العصر المدوّخة.
ولعلّ هذه التّشوّهات الحاصلة في المسألة النّقديّة هي التي أخّرت اضطلاع الأجيال النّقديّة بالتّعديلات الضّروريّة وبتصحيح هذا الخلط بين الفعل النّقدي من جهة ومن جهة أخرى المرافقة اللاّمشروطة معرفيّا وعلميّا والتي تلامس المساومة (la compromission) 
 فهل يمكن للنّقد المسرحيّ أن يستعيد شروطه ومعاييره ومقتضياته دون تصحيح هذا الخلط؟ بل هل يمكن له أن يضطلع بالتزامه بقضايا الفعل المسرحي وبمشارعه وأحلامه وتطلّعاته دون استعادة الفضول المعرفي وعودة الوعي بالتّفكّر المثابر والدّائب الّذي لا يني؟
النّقد لا يمكن أن يكون اختصاصا يقرّره أحدنا وينخرط فيه إذا لم تسبقه الحالة الفكريّة الحائرة الباحثة المتطلّعة إلى امتلاك الأدوات التي بها يخترق مدارات المسرح بمختلف عناصره، ومدارسه ومسالكه واهتماماته وبها أيضا يمتلك مشروعيّة الاختصاص المعرفي.
ربّما كان الوضع نتيجة لفتور ما وعزوف عن البحث عن تحديد الأسئلة الحقيقيّة والحال أنّنا في زمن تأتيك الحقائق إلى بابك معلّبة والإيصال مجانيّ.
وربّما يكون للفعل المسرحي تصوّر جديد لعلاقته بالنّقد، وربّما يرغب في استحضار طروحات تتعلّق بالتّأزّم في صلب هذه العلاقة...
لكنّ ذلك لا ينفي تخلّي النّقد على التزاماته بصياغة مصطلحاته العمليّة والعلميّة، مصطلحات تواكب التّجديد الاصطلاحي في البحث الإبداعي حتّى نتجاوز التّوصيفات الهلاميّة على شاكلة "النّقد إبداع" أو "النقد إعادة كتابة" فهي لا تعدو أن تكون مجرّد توصيفات للأداء النّقدي وهو منتج مكتمل. في حين أنّ تشكّل المصطلح النّقدي له مسارات وأنساق يعتمدها. 
فهل يكون ذلك ممكنا بغير النّظر في المرآة العاكسة للنّقد وربّا أيضا ويا حبّذا بنقد النّقد؟ 
إن يكن هذا أو ذاك فإنّ النّقد المسرحي يقف اليوم في طريق ذات فروع متشعّبة وأيّا كان المسلك الذي سيتّخذه، يبقى وجوده رهين الـتّأهيل والتّكوين والتّحصيل المعرفي والتّقييم حتّى تكون للحالة الذّهنيّة النّقديّة معنى ومرمى.
يندرج تنظيم ورشة التّدريب على النّقد المسرحي في هذا المدار من الأسئلة والملابسات وقد كنّا اخترنا في الدّورة 23 من مهرجان أيّام قرطاج المسرحيّة موضوعا للورشة وهو «السّينوغرافيا". ونتوجّه بها إلى طلاّب معهدي المسرح في كلّ من الكاف وتونس، إضافة إلى الهواة الذين يرغبون في المشاركة.
وبالنّسبة إلى الدّورة 24 الحاليّة، استقرّ الرّأي على موضوع "الإخراج المسرحي" بما يتضمّنه من صياغة للرّؤية الفنّيّة إلى جانب مسائل أخرى لصيقة كإدارة الممثّل.
ثلاث حصص تمتدّ على ثلاثة أيّام محاورها كالآتي:
محور 1 من تاطير منسقة اشغال الورشة الدكتورة"فوزية بلحاج المزّي"
مفهوم الإخراج في كبريات المناهج المسرحيّة (تواصلا مع وضوع السّينوغرافيا للدّورة السّابقة بحكم ارتباط السّينوغرافيا بالإخراج حيث تقيم توافقا وتطابقا وتناسقا بين مختلف عناصر الفرجة المسرحيّة تحت يافطة الإخراج)
محور 2 من تاطير "مروان الميساوي"
الإخراج رسالة وجهتها الجمهور (ربطا مع النّدوة الدّوليّة التي تنظّمها الدّورة حول المسرح وجمهوره)
محور3 من تاطير الدكتورة "مريم الجلاصي".
بناء الشّخصيّة من منظور ستانيسلافسكي (ربطا مع النّدوة التي تنظّمها الدّورة حول المسرح الرّوسي) 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون