ندوة "الموريسكيون: رؤية نقدية جديدة" في جمعية النقاد الاردنيين.
2023 ,25 آذار
صوت العرب:الاردن.
ضمن سلسلة الندوات التي تعقدها جمعية النقاد الاردنيين،عقدتفي مكتبة الارشيف، ندوة بعنوان"الموريسكيون: رؤية نقدية جديدة"،شارك فيها كل من الدكتورة"فاطمة المحيسن"، والدطتورة"بشرى الفيومي"،وادارت الندوة الدكتورة"نداء مشعل".
د.فاطمة المحيسن:توطئة تعريفية بالموريسكيين.
قدمت د.فاطمة محيسن في ورقتها البحثية توطئة تعريفيّة بالموريسكيين أو (الأندلسيين المتأخرين)؛ تلك الفئة من المسلمين الأندلسيين التي قاومت الاستلاب الثقافي والدينيّ الذي مارسته السياسة الإسبانيّة الكاثوليكية عليهم، متمثلا بملاحقات محاكم التفتيش، والتنصير القسريّ، وتحويل المساجد إلى كنائس، والحرمان من استخدام اللغة العربيّة، وتغيير ثيابهم التقليديّة وأسمائهم العربيّة، وهدم الحمامات العامّة، وإلزام الموريسكيّات بالسفور، في نهايات القرن الخامس عشر الميلادي بعد سقوط غرناطة في الثاني من كانون الثاني لعام 1492م، فتوالت ثورات الموريسكيون كثورة البيازين وثورة ابن أميّة في البشرّات، إلا أن الأمر آل في النهاية إلى إصدار قرار بطرد نهائيّ قسريّ لهم من الأندلس بين (1609- 1613م) في عهد فيليب الثالث نتيجة مجموعة من الذرائع السياسية المتعلقة بإحاطة أعداء إسبانيا في الداخل والخارج، فتوجّه الموريسكيون إلى شمال إفريقيا وفرنسا وإيطاليا.
وأوضحت الباحثة أهمّ السبل التي حافظ بها الموريسكيون على هويّتهم وعدم ذوبانهم في المجتمع المسيحيّ من خلال الفتاوى التي أرسلها الفقهاء المغاربة إليهم، مثل رسالة الغرباء للفقيه بو جمعة المغراوي الوهراني المبنيّة على (التقيّة)، حيث أجاز لهم التيمّم ولو بالجدران، والصلاة بالإيماء، والزكاة على أنّها هدية، والسبيل الأهم هو ما وصلنا من أدب تركه الموريسكيون؛ العربيّ منه أو الخميادي (الأعجميّ) الذي كتب بالعربية ولكن بأصوات قشتالية شعرًا ونثرًا يميل إلى الكتابات الدينيّة والجدليّة، لكنّه حمل قضايا الموريسكيّ الشائكة كصراع الأنا والآخر، وفكرة المقاومة لديه، ولم يكن هذا التيار الموريسكيّ المدجّن الوحيد، بل امتدّت القضية الموريسكية للتأثير في الأدب الإسباني الذي قدّم أدب (المورفيليا)، الأدب المحايد والمتعاطف مع الأقليّة الموريسكيّة الذي كتبه مبدعون إسبان بلغة رمزية مواربة خشية السلطة المسيحيّة؛حيث صوّر التياران الخطة لامتصاص مسلمي إسبانيا الأواخر حضاريًّا وعقديًا، وانتهاب هويّتهم وثقافتهم.
 د.بشرى الفيومي: المعاناة الموريسكية
هدفت الورقة  التي قدمتها "د.بشرى الفيومي"،مناقشة المعاناة الموريسكية، حيث تمثل تجربة معاناة استلاب إنسانية في المتخيل السردي العربي، وذلك بالكشف أبعاد الهوية بجوانبها المتعددة، والعوامل التي ساهمت في تأطير هذا المتخيل السردي، والحفر في دوافع استحضاره في الخطاب الروائي، وقراءة القضية الموريسكية بمحوريها المرجعي التاريخي والسرد الروائي لاستقصاء ما أضاف هذا التخييل من رؤى سابرة في قراءة الحدث التاريخي.    
    ولقد استعانت الورقة البحثية  بخمس روايات هي: الموريسكي، والموريسكي الأخير، وثلاثية غرناطة، والبيت الأندلسي، وليون الإفريقي، وخلصت فيما استدعت من نماذج روائية عربية إلى أن الروائي العربي في الغالب استلهم شخصيات ذات مرجعيات تاريخية، وقد تأطرت صورة الموريسكي بهالة من المثالية قد تحيد عن  محاكاة الواقعية، وطغى الحدث التاريخي على تفاصيل التجربة الإنسانية، مما جعله يتصدر الحضور، ويصوغ نسيجا سرديا يحاكي السرد التاريخي ورؤيته للمعاناة الموريسكية، فقصّر في بعض الأحيان في استكشاف البعد الإنساني لما وراء  الحدث التاريخي.
  وأكدت الورقة البحثية إلى أن المتخيل السردي العربي جهد في استحضار المعاناة الموريسكية، لما بينها وبين الواقع العربي من تقاطعات، وهموم متقاربة كتذويب الهوية وفرض الهيمنة والصراع العربي الداخلي والخارجي، مما جعل حضور المعاناة في التخييل السردي إيحائيا، ورمزيا، يحاول سبر عوامل التماثل والتشابك محمِّلا خطابه الروائي رسائل محذرة من تشابه النهايات والعواقب، الأمر الذي نأى به عن النظر في التجربة الموريسكية ببعدها الحياتي واليومي.   
  دعت للتعمق في التجربة الموريسكية كمعاناة لازالت قائمة في الفكر الإنساني العالمي، كأقلية حاضرة، تطالب باستعادة حقها في الاعتراف بهويتها وإرثها الحضاري، مما يوجب تأمل كامل الصورة الحية للقضية الموريسكية ومعاناتها، وتتبعها في مجمل تفاصيلها، إذ يمثل هذا الإرث الإنساني إحدى أهم محاور صراع القضية الموريسكية.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون