صوت العرب:الاردن.
ضمن عروضها الشهرية، تعرض لجنة السينما/مؤسسة شومان غدا الخميس 24/10/2024،الساعة الخامسة مساء، الفيلم الأمريكي الظهيرة العالية أو قطار الظهر،للمخرج فريد زينيمان.
يعد فيلم "الظهيرة العالية" أو "قطار الظهر" فيلم رعاة بقر غير عادي. فهو أول فيلم رعاة بقر ينطوي على "رسالة". وقد وصف مخرج الفيلم فريد زينيمان الموضوع الرئيسي للفيلم بأنه يعبر عن "ضمير رجل شعر أنه لا يستطيع التهرب من موقف معين واجهه... وتصادف أن ذلك الموقف يحدث في سياق قصة رعاة بقر، ولكن كان من الممكن لهذه القصة ان تقع في أي مكان آخر يواجه فيه بطلها مثل هذا القرار. فهو موقف غير محدد بإطار زمني معين.
يستند فيلم "قطار الظهيرة" الى قصة قصيرة بعنوان "النجمة القصديرية" للمؤلف جون كاننجهام تدور حول الشريف أو مأمور الشرطة ويل كين الذي يعيش في بلدة هادليفيل بالغرب الأوسط الأمريكي.
ويتزوج هذا الرجل يوم تقاعده من شابة جميلة، ولكنه يعلم قبل أن يغادر معها تلط البلدة في الساعة العاشرة والتصف صباحاً أن زعيم عصابة كان قد ألقي القبض عليه قبل خمس سنوات قد خرج من السجن وأنه سيصل الى البلدة على متن قطار الظهر لينتقم منه.
وبعد أن يغادر العروسان البلدة في طريقهما الى بلدة أخرى لبدء حياة جديدة تتغلب على الشريف مشاعر الواجب والكرامة فيعود الى بلدة هادليفيل لمواجهة زعيم العصابة ورفاقه الثلاثة الذين ينتظرونه في محطة القطار.
ويشرع الشريف كين في الإستعانة باصدقائه، إلا أنهم يتخلون عنه الواحد تلو الآخر بعد أن ينتحل كل منهم عذراً مختلفاً. ويجد الشريف كين نفسه مرغماً على مواجهة الأشرار الأربعة بمفرده بعد وصول قطار الظهر في الشوارع البلدة الخالية. وتنتهي المواجهة بتغلبه عليهم، وتتخلل المعركة اضطرار زوجته التي تكون قد تخلت عنه الى قتل أحد الأشرار الأربعة، متخلية بذلك عن مبادئها الدينية التي تمنعها من القتل.
وبعد انتهاء المواجهة يخرج أهل البلدة من منازلهم ويندفعون نحو الشريف كين ليهنئوه على انتصاره، إلا أنه يرد عليهم بإلقاء شعار الشريف المعلق على صدره على الأرض ويغادر البلدة مع عروسه دون أن يعيرهم أي اهتمام.
لقد كان فيلم "قطار الظهيرة" من أكثر أفلام أوائل الخمسينات إثارةً للجدل في الولايات المتحدة. فقد كان كاتب السيناريو كارل فورمان الذي أدرج اسمه في ما يعرف بالقائمة السوداء في الولايات المتحدة في أوائل فترة الخمسينات لاتهامه بالشيوعية يوجه رسالة سياسية في الفيلم.
وقد مثل الكاتب كارل فورمان امام لجنة النشاطات المعادية للولايات المتحدة في مجلس النواب الأمريكي للتحقيق معه. وقال فيما بعد أنه استخدم قصة فيلم "قطار الظهر" كمجاز أو استعارة لشجب موجة الهستيريا الناجمة عن تحقيقات السيناتور مكارثي آنذاك، متخطياً بذلك اطار القصة الأصلية التي بنى عليها الفيلم، موجها الاتهام لمعظم الأمريكيين بالجبن والتذبذب في مواجهتهم لحملة السيناتور مكارثي.
ويقول الكاتب كارل فورمان "أن الكثير من وقائع القصة يشبه ما كان يحدث في الولابات المتحدة، بل أن هناك مشاهد أخذت من واقع الحياة. وأحد هذه المشاهد (مشهد التجمع في الكنيسة ما هو الا خلاصة لسلسة من الاجتماعات عقدتها مع شركائي وزملائي ومحاميّ. وهناك مشهد مستوحى من الواقع الحالي يظهر فيه رجل يأتي حاملاً مسدسه ليساعد بطل الفيلم ويسأله "أين الآخرون؟" فيرد عليه بطل الفيلم: "ليس هناك آخرون".
ومع أن المخرج فريد زينيمان والمنتج ستانلي كريمر نفيا وجود أي علاقة لفيلم "قطار الظهر" بالأحداث السياسية لفترة صدوره، فإن الرأي الآخير يبقى لكاتب السيناريو كارل فورمان الذي أكد وجود مثل تلك العلاقة.
وقد أغضب فيلم "قطار الظهر" عند عرضه بعض العناصر اليمينية في الولايات المتحدة بسبب إيحاءاته السياسية، حتى أن الممثل جون وين الذي كان معروفاً بنزعته اليمينية المتطرفة وصف الفيلم بأنه فيلم شيوعي.
فيلم قطار الظهر" فيلم متميز فنياً، وقد اكتسب سمعة كواحد من أفضل أربعة أو خمسة أفلام رعاة بقر. يتميز الفيلم بالأسلوب المحكم في إخراج المخرج فريد زينيمتن. ومن الأمثلة الكثيرة على براعة الإخراج في سرد القصة استخدام الساعات بصورة متكررة كأداة للتأكيد على مضي الوقت بسرعة واقتراب موعد المواجهة بشكل حول الساعة الى احدى شخصيات الفيلم الرئيسية.
تظهر الساعة في الفيلم أكثر من 55 مرة ويكبر حجمها مع اقتراب ساعة الصفر. كما يبرز في الفيلم الأداء المتميز لبطله جاري كوبر وفي سيناريو الكاتب كارل فورمان الذي كان يتسم بالدقة والوضوح، وكذلك براعة المونتاج على يدي ايلمو وليامز وهاري جيرستاد. كما يتميز الفيلم بجمال الاغنية في مقدمة الفيلم وبموسيقاه التصويرية. والأغنية من أداء المغني تيكس ريتر وتلحين الموسيقار ديمتري تيومكين الذي قام ايضاً بتأليف الموسيقى التصويرية.
رشح فيلم "قطار الظهر" لسبع جوائز اوسكار، وفاز بأربع منها وهي جائزة أفضل ممثل لجاري كوبر وأفضل مونتاج وأفضل أغنية وأفضل موسيقى تصويرية.