اليوم الثلاثاء : الفيلم الصيني "ولا واحد أقل" ...في مؤسسة شومان.
2022 ,15 شباط
صوت العرب:الاردن.
تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، اليوم الثلاثاء، الساعة 6:30 مساء في مقر المؤسسة بجبل عمان، الفيلم الصيني، "ولا واحد أقل "، للمخرج زانغ ييمو.
يستخدم المخرج الصيني زانغ ييمو في فيلم "ولا واحد أقل" بدلاً من الممثلين المحترفين مجموعة من القرويين وسكان المدن العاديين،  كتلاميذ المدارس وأصحاب الدكاكين والموظفين الصغار،  الذين يقوم معظمهم في الفيلم بأدوارهم الحقيقة في الحياة.  ويبتعد المخرج في هذا الفيلم عن تأثيرات جمال الألوان وروعة التشكيلات التي استخدمها ببراعة في أفلامه السابقة ، مثل "جو دو" و "الذرة الحمراء"،  مفضلاً على ذلك التركيز على واقع الحياة اليومية لقرية صينية فقيرة نائية يغطيها الغبار. 
الشخصية المحورية في فيلم "ولا واحد أقل" فتاة في الثالثة عشرة تدعى " وي " خريجة مدرسة ابتدائية تكلف بالعمل كمعلمة بديلة تحل محل معلم عجوز في مدرسة ابتدائية أثناء غيابه.  وهي ليست أطول من تلاميذها إلاّ قليلاً.  ومؤهلاتها الوحيدة هي قدرتها على إصدار الأوامر وعبوسها وخطها الجميل وحفظها أغنية واحدة فقط عن ماوتسي تونج تغنيها بصوت مرتعش . 
ويقدم النصف الأول لفيلم "ولا واحد أقل" بأسلوب ما يعرف بسينما الحقيقة.  فنرى المعلمة وي تكتب الدروس على اللوح الأسود،  وتلاميذها ينقلون ما تكتب في جو يخيم عليه الكآبة.  وليس هناك أي انسجام بين المعلمة والتلاميذ.  فإما أن تنجح المعلمة في تخويف تلاميذها،  وإما أنهم ينجحون في تحقيرها،  وفي مقدمتهم جانج هويك الذي يدفع المعلمة إلى أقصى درجات مشاعر الإحباط. 
ولكن جانج هويك يجد نفسه مضطراً للذهاب إلى المدينة لكي يعمل ويسدد ديون والديه . وتشد المعلمة وي الرحال وتذهب إلى المدينة بحثاً عنه لأنها وعدت قبل أن تتولى مهمة عملها في المدرسة بأن تحصل على مكافأة إذا نجحت في المحافظة على عدد طلاب الصف كاملاً،  ومن هنا استمد الفيلم اسمه،  وهو "ولا واحد أقل".  وفجأة تتسارع خطى الفيلم حين تنقلنا القصة من حياة القرية الهادئة البطيئة إلى حياة المدينة بصخبها وخطاها السريعة. 
وتواجه وي في النصف الثاني للفيلم وهي تواصل البحث عن جانج هويك في شوارع المدينة الكبيرة عالماً شديد القسوة.  ويتساءل المشاهد عن سبب مثابرتها على البحث عن تلميذها في وجه عالم ضخم لا يلين ولا يعرف حدوداً لقسوته.  ولكن المعلمة وي ترفض الاستسلام،  معتمدة على قوة إرادتها وعزيمتها مما يطور فيلم "ولا واحد أقل" من الواقعية إلى دنيا الشعر.   
ومن بين الموضوعات الرئيسية التي يتناولها فيلم "ولا واحد أقل" ندرة الأِشياء وقلتها.  ففي أحد المشاهد في بداية الفيلم يقوم معلم متقدم في السن بعدّ 26 قطعة من الطباشير بعناية فائقة،  لاستخدام واحدة منها في كل يوم من الأيام التي سيتغيب فيها.  وعندما تكسر بعض القطع ويتم الدوس عليها بسبب إهمال الفتاة التي ستحل محله بصورة مؤقتة،  يشعر المشاهد بألم الخسارة والضياع.  ويتجدد إحساس الرهبة لدى المشاهد عندما يتقاسم 27 طفلاً علبتين دافئتين من مشروب الكوكا كولا. 
ولكن رغم التقشف المقصود في فيلم "ولا واحد أقل" فهو فيلم غني من نواح عديدة. ورغم الأسلوب التسجيلي للفيلم في الشكل ،  فهم عمل سينمائي سردي رائع.  وينطلق الأسلوب السردي للفيلم في البداية بخطى بطيئة من قدر هائل من التفاصيل بحيث تبدو كسلسلة من الأحداث التي اكتشفتها الكاميرا وهي تجوب العالم،  بدلاً من مشاهدتها كخطة وضعها مخرج الفيلم وقام بتنفيذها. 
ويتميز أداء "وي مينزهي"  بأسلوب فطري طبيعي.  وتجمع شخصيتها بين عناد وعفوية يعكسان السلوك الطبيعي لفتاة في الثالثة عشرة.  وهي تعتمد في تعاملها مع العالم من حولها على الفطرة والتعلل بالآمال والمعلومات غير المباشرة،  وتصطدم في معظم الأحيان مع العالم الواقعي.
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون