الفيلم الإيراني" أغنية العصافير" للمخرج مجيد مجيدي في مكتبة شومان /المقابلين.
2024 ,24 شباط
صوت العرب:الاردن.
تحقيقا لمبدأ حق المعرفة، افتتحت مؤسسة عبدالحميد شوما مكتبة في حدائق الملك عبدالله - المقابلين، وذلك لتعزيز فرص المعرفة عند سكان هذه المنطقة الشعبية، واضافت ادارة المؤسسة نشاطا جديدا، باقامة عروض سينمائية شهرية في احدى قاعات المكتبة.
لجنة السينما في مؤسسة عبدالحميد شومان هي التي تشرف على النشاط، سواء باختيار الافلام، او ادارة الحوار والنقاش حول الفيلم المعروض مع الجمهور،
اخر العروض كانت الفيلم الايراني “اغنية العصافير” للمخرج “مجيد مجيدي”، وقد ادار الحوار الزميل “ رسمي محاسنة”، حيث اعطى الحضور نبذة عن السينما الايرانية، والتحولات التي اصابتها بعد رحيل الشاة،ومجيء الثورة الايرانية، حيث بدأت السينما الايرانية تقدم نفسها بشكل ناضج، الى ان اصبحت واحدة من المدارس السينمائية على خريطة السينما العالمية، ورغم التضييق على بعض  السينمائيين الايرانيين، الا ان افلامهم بمقتراحاتها الفنية والجمالية، جعلتها حاضرة بقوة في المهرجانات العالمية وتنافس على الجوائز.
الحوار بعد عرض الفيلم، تطرق الى جوانب مختلفة من الفيلم، وان غلب عليه تناول افكار وطروحات العرض اكثر من الجوانب الفنية، وهذا امر طبيعي، مع جمهور ماتزال تجربته محدودة مع السينما الجادة، الا ان الجمهورالذي غلب عليه الطابع النسوي، تناول مواضيع تدل على تعطش ووعي هذا الجمهور.
وبطل فيلم" أغنية العصافير" هو كريم الذي يعيش في إحدى القرى خارج العاصمة ويعمل في مزرعة لتربية النعام. يعيش مع زوجته وأطفاله الصغار وابنته تلميذة المدرسة التي تعاني من الصمم،  وهو يأمل بالحصول على زيادة في الراتب كي يتمكن من إصلاح سماعات الأذن الخاصة بابنته قبل بدء الامتحانات، لكنه بدلا من ذلك يفقد وظيفته مما يؤدي إلى تغيير كلي في مسيرة حياته.
تبدأ مشكلة كريم عندما تتمكن إحدى النعامات من الهرب ما يؤدي إلى تحميله المسؤولية و فصله من العمل. يذهب كريم لمدينة طهران، مستخدما دراجته النارية، في محاولة لإصلاح السماعات لكنه يفاجأ بمصيبة إضافية فالسماعات لا يمكن إصلاحها و يجب عليه شراء غيرها، إذ أن السماعات الجديدة باهظة الثمن بحيث لا يقدر على شرائها. 
أثناء وجوده في المدينة تلعب الأقدار لعبتها معه حيث يقفز رجل أعمال شاب عل الدراجة من ويجلس خلفه مطالبا إياه بإيصاله إلى مكان ما، فالدراجة النارية وسيلة نقل بالأجرة في طهران، وحين ينزل الراكب يدفع له الأجرة. هكذا يكتشف كريم وسيلة ممكنة لكسب المال فيتخذ منها مهنة جديدة، ويضيف إلى مهنة نقل الركاب تجميعه للخردة وبقايا الأثاث الملقى بين النفايات في محاولة للاستفادة والتكسب منها وهو ما يتحول إلى نوع من الهوس لديه.  يستغل المخرج هذه المهنة الجديدة ليكشف عن قسوة الحياة في المدينة و عن العديد من حالات الفساد في المجتمع، وأهم من هذا أنه يكشف عن التحولات التي يمكن أن تصيب الإنسان البسيط والانهيارات الأخلاقية التي يتسبب بها الجشع للمال.
 
مقابل حكاية الأب هناك حكاية أبنائه الصغار، والذين بدورهم يبحثون عن فرصة لكسب المال من اجل مساعدة الأب ويبدأون ببيع الزهور على الطرقات، ومن ناحية ثانية يقومون بتنظيف بئر في القرية من الأوساخ المتجمعة بهدف تربية نوع من الأسماك الذهبية الصغيرة فيه ومن ثم بيعها، لكنهم عندما يعودون للقرية محملين بالأسماك في إناء ممتلئ بالماء، يتعرضون لخسارة كبيرة إذ يكتشفون أن الإناء مثقوب ولم يعد فيه ماء وعندما يحاولون إنقاذ الأسماك تسقط الأسماك على الأرض. هنا يقدم المخرج واحدا من أكثر المشاهد تأثيرا في النفس ومن أكثرها جمالا وهو يصور اندفاع الأطفال لمحاولة إنقاذ الأسماك ولا يجدون وسيلة لإنقاذ الأسماك إلا رميها في جدول ماء قريب .
أخيرا... يتعرض كريم لحادث انهيار أكوام الخردة التي خزنها في بيته فوقه، مما يجعله عاجزا عن الحركة متمددا في فراشه ليستعيد في النهاية وبفضل عناية ورعاية الزوجة والأطفال شخصيته الأولى. وفي مشهد رمزي معبر نراه يفتح النافذة لكي يسمح لعصفور محتجز في الغرفة بالانطلاق في الفضاء.
هذا التقديم مجرد تلخيص مبتسر لفيلم مليء بالأحداث والتفاصيل المتنوعة والمعبرة، فيلم يجمع بين المأساة والحس الفكاهي الذي ينتج عن مجموعة مشاهد تضفي عليه متعة خاصة، ومن هذه المشاهد تنكر كريم في بداية الفيلم على شكل نعامة في محاولة عن البحث عن النعامة في الجبال المحيطة والإمساك بها، وكذلك مشهد قيامه بتركيب لاقط للتلفزيون، عثر عليه ضمن الخردة التي جمعها في المدينة، فوق سطح المنزل ومحاولته المضحكة لمغازلة زوجته وإغوائها بالنوم إلى جانبه فوق سطح المنزل واستغلال حالة تلهي الأطفال عنهم بالتفرج على التلفزيون.
تؤدي العصافير في الفيلم وظيفة رمزية أوضحها المخرج أثناء عرض الفيلم في مهرجان برلين إذ قال:" قررت استخدام العصافير في هذا الفيلم كرمز للبشر لأنني أردت توصيل رسالة مفادها أننا لا يجوز ان نستمر في الجشع، كما قصدت أيضا المقارنة بينها وبين الأطفال الذين يلعبون دورا رئيسيا في الفيلم، فالأطفال مثل العصافير لطيفون ومثيرون للاهتمام".
 الفيلم بتوقيع مجيد مجيدي الذي لا يزال يدهش العالم بأفلامه المتميزة فنيا وفكريا وقدرة على السرد الدرامي، وأشهرها فيلم" أطفال الجنة" وفيلم" لون الفردوس".
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون