صوت العرب:الاردن.
برعاية عطوفة "د. نضال العياصرة "مدير عام المكتبة الوطنية وبحضور الأستاذ الدكتور ناجي السعايدة عميد كلية الأميرة عالية الجامعية وأعضاء من الهيئتين الإدارية والعامة لرابطة الكتّاب الأردنيين وجمع من المثقفين وأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة البلقاء التطبيقية تم إشهار كتاب الأستاذ الدكتور عماد الضمور الموسوم بـ :راشد عيسى وثلاثية السيرة الأدبية ( التجليّات والأساليب) و موضوع الكتاب متّصل بفن السيرة الذاتية، إذ يبحث في تجليات التشكيل البنائي للسيرة الذاتيّة، وتداخلاتها في الأجناس الأدبية الأخرى بوصفها جزءًا من الإبداع الفني للنص الأدبي، وبعبارة أوضح يبحث في تقنيات بناء النص السير ذاتيّ الذي يمتاز بطبيعته الجماليّة التي تمنح نص السيرة الذاتية خصوصية أسلوبية وتعبيرية واضحة.
يقع الكتاب في مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، تناول الفصل الأول كتاب راشد عيسى المعنون بـ" مرايا الهويّة الشعريّة في رشدونيوس" الصادر عام 2018 الذي جاء رصدًا لشهادته الإبداعيّة حول الشعر بلغة الشعر الجليلة، وعوالمها المدهشة واحتضاناتها الدافئة. أمّا الفصل الثاني، فجاء بعنوان " فضاءات السرد الشعريّ في حفيد الجن" وهو دراسة تطبيقيّة لتجليّات فن السيرة الذاتيّة في ديوان راشد" حفيد الجن" الصادر عام 2005م، إذ يميل الشاعر إلى الإفضاء بمشاعره، والبوح بذكرياته بلغة الشعر وأساليبه الفنية المدهشة، فهو يجمع بين متطلبات فني السيرة الذاتية ، والشعر؛ إذ يعمد إلى البناء الدراميّ، والانطلاق من ضمير المتكلم، وتقديم حقائق واقعية من حياته.
أمّا الفصل الثالث، فجاء بعنوان " جدل السيرة والرواية في مفتاح الباب المخلوع" وهو دراسة تطبيقية لتجليات فن السيرة الذاتية في رواية" مفتاح الباب المخلوع" الصادرة عام 2010م، حيث جسّدت الرواية سردًا أليمًا لتفاصيل أخرى من حياة الكاتب أكثر دقة وأشد ألمًا، وذلك استنادًا على ما يوفره الفن الروائي من جرأة في البوح، وتلقائية في السرد، ومشهدية سينمائية ذات قدرة على التخييل تارة والواقعية تارة أخرى.
وجاءت الخاتمة بيانًا لأهم نتائج الدراسة التي كشفت عن قدرة راشد على استعادة سرد وجوده الخاص نثرًا، حيث التطابق الواضح بين شخصيته المسرودة وشخصيته الواقعيّة، إذ جاء الخيال فيها واضح الحدود، معمقًا للسرد، يمتاز بدهشته التعبيريّة، وتعابيره اللغوية المدهشة.
كشف الكتاب عن نجاح راشد عيسى في إعادة صياغة النص الأدبي ، وإنتاجه وفق رؤيا خاصة، حيث توظيف الأساليب البنائية لفن السيرة الذاتية من عفوية السرد، والمباشرة العفويّة، والاتكاء على ضمير المتكلم، علاوة على ما يقدمه الشعر من استدعاء فاعل لذاكرة الطفولة، والموروث الشعبي، وتوظيف مقصود للخيال الشعري في إطار حلمي واضح.
لقد كتب راشد عيسى للأطفال فأبدع، وكتب للكبار فأدهش، خاطب القلوب فأثار في المتلقي المشاعر، وخاطب العقول فبعث فينا التأمل والقدرة على التفكير المنتج للمعنى.
لقد استطاع راشد تحقيق حضور مهم في الساحة العربية بشكل عام والأردنية بشكل خاص عبر تجربة شعريّة ممتدة ، بدأت منذ سبعينيّات القرن الماضي، وما زالت جذوتها متوهجة.
لعلّ أهم ما يمتاز به الكتاب أنّه يكشف عمّا كتبه راشد في مجال السيرة الذاتية، حيث الكشف عن هويته الشعريّة من خلال تجليات السيرة الذاتية التي كتبها رواية، واستطاع البوح بها شعرًا شفيفًا، وسردًا عميقًا لمفاصل مهمة من حياته الممتدة بالعطاء، وهذا ـ في حدود تقديري ـ ما لم يُتح لمبدع عربي، وهو كتابة سيرته الذاتية شعرًا ونثرًا ورؤى نقدية ذات تشكلات وجدانية.
وقدّم الأستاذ الدكتور ناصر شبانة أستاذ النقد الحديث في الجامعة الهاشمية ورقة نقدية تناولت أهمية الكتّب المُحتفى به ومضامينه، وتجلياته من الناحيتين الفكرية والفنية. لقد رصد راشد معاناته في مرحلة الطفولة، وعرض كثيرًا من المواقف الحساسة بكلّ صراحة، ممّا وفّر ما يتطلبه فن السيرة من صدق في الوصف وواقعية في تصوير الأحداث.
وقد جرى حوار موسّع أجاب فيه مؤلف الكتاب لاستفسارات الحضور، وفي نهاية الحفل سلّم الأستاذ الدكتور ناجي السعايدة عميد كلية الأميرة عالية الجامعية درع جامعة البلقاء التطبيقية للشاعر راشد عيسى نيابة عن عطوفة الأستاذ الدكتور أحمد فخري العجلوني رئيس جامعة البلقاء التطبيقية تقديرًا للشاعر راشد عيسى ودوره في رفد الحركة الأدبية الأردنية بمضامين فكرية وفنية ناضجة.
أمّا مؤلف الكتاب ، فهو الأستاذ الدكتور عماد الضمور أستاذ الأدب الحديث ونقده في جامعة البلقاء التطبيقية، عضو رابطة الكتّاب الأردنيين والاتحاد العام للكتّاب العرب، وعضو جمعية النقاد الأردنيين. صدر له مجموعة من الدراسات النقدية والأبحاث العلمية المحكمة المنشورة ، مثل: شعر الشعراء المنتحرين في الأردن، و سردية الشعر في ديوان " منمنمات أليسا" للشاعر محمد القيسي، و أثر إليوت في شعر عزالدين المناصرة. والنزعة التأملية في شعر فدوى طوقان، وأثر التصوف في شعر حيدر محمود، والمقاومة في شعر علي فودة ، والتشكيل البصري في شعر نادر هدى (علامات الترقيم نموذجاً)، وتجليات المعاناة في شعر خليل زقطان الطفولة في شعر محمود الشلبي، و أثر الفن السينمائي في ديوان " حالة حصار" للشاعر محمود درويش وظائف السخرية في شعر راشد حسين، و استدعاء شخصية أبي ذر الغفاري في الشعر الأردني المعاصر (دراسة وصفية وتحليلية)، و أثر لوركا في شعر عز الدين المناصرة، وغيرها من الدراسات المحكمة.
وقد صدر له مجموعة من المؤلفات النقدية أهمها: محمود فضيل التل ( حياته وشعره )، و عمّان (وهج المكان وبوح الذاكرة)، الإبداع المكاني في الشعر الأردني، و مباهج النص (قراءات في الشعر الأردني المعاصر)، و سيميائية العتبات النصيّة، و أثر الثورة العربية الكبرى في الشعر الأردني المعاصر، وغيرها من الدراسات النقدية.