كتاب"السرد العنكبوتي والمستقبل المؤنث..قراءة في خصوصية الرواية النسائية" ل"د.رشا ناصر":مساءلة في القراءات النقدية للادب النسوي.
2024 ,19 تشرين الأول
صوت العرب:سوريا.
صدر عن دار شراع للدراسات والنشر والتوزيع/حلب ،للباحثة والناقدة الاكاديمية الدكتورة"رشا ناصر العلي"، كتاب"السرد العنكبوتي والمستقبل المؤنث..قراءة في خصوصية الرواية النسائية"،وتتساءل فيه المؤلفة الى أيّ مدى استطاع النّقد متابعة الحركة السّرديّة النّسائيّة وكشف توجهاتها؟ وهل استطاعت الأنثى أن تحقق ذاتها من خلال هذا النّشاط الإبداعيّ؟ثمّ هل كان هذا السّرد نتاج وعيها بنفسها أو نتاج العفويّة؟ هل بقيت أسيرة الكتابة الذكوريّة أم أنّها تركت بصمتها التعبيريّة في الإبداع الرّوائيّ؟.وتقول المؤلفة في مقدمة الكتاب" أيّ مدى استطاع النّقد متابعة الحركة السّرديّة النّسائيّة وكشف توجهاتها؟ وهل استطاعت الأنثى أن تحقق ذاتها من خلال هذا النّشاط الإبداعيّ؟
ثمّ هل كان هذا السّرد نتاج وعيها بنفسها أو نتاج العفويّة؟ هل بقيت أسيرة الكتابة الذكوريّة أم أنّها تركت بصمتها التعبيريّة في الإبداع الرّوائيّ؟
وتستطرد في مقدمتها وتخلص الى القول"ستكون قراءتنا للسرد النسائي قراءة منصتة إلى نبضات النص وهمساته، مع إعطاء أهمية خاصة للمرجعيات الثقافية التي يقودنا النص إليها، و مع توجيه العناية إلى البناء الصياغي لأنه المادة الوحيدة المحسوسة نصياً. والقراءة على هذا النحو هي قراءة استكشافية تقرأ النصوص النسوية بأدوات جديدة وتعيد صياغتها في لغة جديدة قادرة على الاستهلاك ثم الإنتاج، فهي قراءة إيجابية تتحرك على السطوح والأعماق، وتربط التحليل بالتركيب، وتبتعد عن الانغلاق المطلق والانفتاح المطلق، وإنما حركتها محسوبة بينهما. 
ويتضمن الكتاب فصول:
نسوية ام نسائية؟
قراءة العتبات في الرواية النسائية 
غلاف الرواية النسائية من البصرية إلى الدلالية 
العنوان عتبة إلى عالم الأنثى في مسرودها 
المقدمات السردية النسائية 
الإهداءات النسائية والسقف الثقافي 
عبور النوعية في الرواية النسائية 
تداخل الرواية النسائية مع السيرة الذاتية 
تداخل الرواية النسائية مع القصة 
حضور الجسد في الرواية النسائية 
الجسد النسوي الفطري والمصنّع 
الجسد الذكوري 
الجسد الخنثوي 
السرد العنكبوتي والمستقبل المؤنث 
وخلال فصول الكتاب، تستحضر المؤلفة عددا من النصوص النسوية،وتطرح من خلالها اسئلة،ومقاربات،وتقدم رؤيتها بجرأة علمية،ففي الفصل الاخير تقول"من الممكن أن نطلق على السرد النسائيّ تسمية مجازيّة تناسب وظيفته المستهدفة من معظم الكاتبات، هي (السرد العنكبوتيّ) الذي يتعمّد نسج خيوطه الناعمة الخادعة حول الذكر ليمتصّ منه كلّ احتياجاته الحياتيّة، ثمّ ينتهي الأمر بالخلاص منه، أو بمعنى أصحّ، الخلاص من سلطته التي حاصرت الأنثى زمناً طويلاً، وآن الأوان لأن تمتلك هي هذه السلطة.
لقد أصبح الخلاص من الذكر ظاهرة لافتة في السرد النسائيّ، وهو فعل مشابه لفعل أنثى العنكبوت التي تقتل ذكرها بعد أن تنتهي مهمّته في تلقيحها، لكن أنثى السرد تقوم بالخلاص من ذكرها تدريجيّاً، فتسعى أولاً إلى تهميش دوره الفعّال، ثمّ تستحوذ على بعض سلطاته، ثمّ تقوم بتشويهه داخليّاً وخارجيّاً، وربّما عمدت إلى إلحاق العجز به (جسديّاً و عقليّاً)، فإن لم ينفع ما سبق في الخلاص منه سعت إلى تمويته، لتنفرد هي بأفعالها وسلطاتها، وتعوّض ما فاتها خلال رحلة التهميش الطويلة التي عانت منها. 
لقد قام السرد النسوي إذاً بمجموعة من الإجراءات الممهدة لسلطة الأنثى، ومن ثم اتجه إلى بعض الركائز الذكورية لنقضها أو تعديلها، وأولها الفحولة الجنسية التي ينظر إليها الذكر بوصفها من مخصصاته، وبوصفها ميزة لا تشاركه فيها الأنثى، وهنا يعمل السرد على تفريغ الذكر من هذه الفحولة، وإدخاله دائرة العجز حيناً، أو دائرة الضعف حيناً آخر".
وتضيف"وقد لاحظنا – في النصوص المدروسة- أنّ الأنثى سعت إلى ذلك ببعض الإجراءات التنفيذيّة، بدأتها برفض الذكورة وتشويهها على المستويين الجسديّ والنفسيّ، ثمّ أتبعت ذلك بإجراءات أخرى تعلي فيها الأنوثة على المستوى الثقافيّ والإنسانيّ والعمليّ، وبذلك وجدنا أنفسنا أمام أنثى ناجحة، ورجل شرقيّ متناقض يسكنه الفشل".
وتقدن "د.رشا"بعض محاولات السرد النسوي لنقل الأنثى من الهامش إلى المتن من خلال رواية "دفاتر الطوفان" للروائية سميحة خريس"،حيث يتحوّل التمرد الأنثوي في هذا النص إلى رفض للذكورة، وقد أخذ هذا الرّفض صوراً متعددة، نذكر منها تمويت الذكر والاحتفاء بالأنثى، فالحرير يقول بلسانه: "أنا قماش أنثى، ألا تموت اليراعات الذكر، وتصير طعاماً للطيور، وحدي أنا الأنثى أصير الحرير".
وتختم المؤلفة كتابها بالكشف عن منهجها الذي تمرد على السائد فيما يتعلق "بقراءة النص النسائي" وتقول"كانت فصول هذا الكتاب محاولة قرائية لنماذج من السرد الروائي النسائي العربي، من مراميها الكشف عن خصوصية هذه النصوص وخصوبتها التي تجعلها منفتحة على آفاق من التأويل، مما يكشف عن إمكانيات إنتاجية تتفاوت درجات تحققها وتمايزها بين تجربة وأخرى.
وفي نهاية هذا الكتاب أعترف أن توجهي إلى قراءة مجموعة من الروايات النسائية واختياري لها لم يكن محكوماً بإطار منهجي صارم، وإنما كان محكوماً بميل خاص ورغبة حقيقية في تلمس خصوصية هذه النصوص السردية النسائية، لذا أبحرت في عوالمها مستقرئة أنساقها الظاهرة والمضمرة، وإن كنت لم أحقق القراءة الاستغراقية للنصوص النسائية العربية، والتي تفوق طاقتي و سعة البحث، فحسبي أني حاولت أن أقدم إضافة متواضعة إلى ما سبق وقُدم في مجال النقد الروائي، فلم أقيد نفسي بالإجراءت المحفوظة التي مارسها النقد في مراحل سابقة على النصوص الروائية عموما والنسائية خاصة، وذلك لأنها –برأيي- لم تكن كافية لكشف البصمة التعبيرية للأنثى في سردها لموضوعاتها وهواجسها وطموحاتها الإبداعية والحياتية، ومن ثم حاولت في هذه الدراسة تجاوز الكثير من تلك الإجراءات المحفوظة، وآثرت التعامل مع تلك النصوص بأدوات تنبع منها، وبما فيها من خواص، وذلك انطلاقاً من إيماني بأن لكل نص مداخله ومخارجه التي قد تتوافق أو تتخالف مع غيره من النصوص .
وفي النهاية أدرك أن هناك أسئلة كثيرة سوف تتوجه إلى هذه القراءة، وأعتقد أنها ستكون –في معظمها- استنكارية، وهذا طبيعي مع العنوان الذي اخترته لهذا الكتاب، والذي يبدو مستفزاً، لكن الأدلة السردية تشفع لي وتبرر لي هذا الاختيار.
 
 
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون