مسرحية" تسعة عشر- 19":من عوالم الكاتب"ايمن العتوم" الى فضاءات "مختبر الساسي".
2023 ,14 آذار
صوت العرب:القنيطرة – المغرب.
بالقنيطرة و من إخراج الأستاذ: يوسف الساسي وتشخيص عناصر المجموعة الذين عمدوا إلى نقلنا الى عالم " أيمن العتوم"،
 ولو ان هذه التجربة الفريدة الثالثة ل"مختبر الساسي "تميزت بكونها أولا تشخص وتمثل باللغة العربية الفصحى وهي مسرحية قد اخدت روحها وسحرها من اللوحات" التسع عشر في " عليها تسعة عشر " وهذه الرواية العميقة وذات بعد وجودي فلسفي فكري والتي تعتبر غنية جدا من حيث الأفكار والتصورات والعمق الفلسفي اي الرواية والمسرحية سمفونية حقيقية تدعو للقراءة وتعطي مفاتيح لمقاومة الجهل فهي الرواية والمسرحية دعوة لمعانقة الحرف والكتاب والعلم ومقاومة الجهل والسير في طريق النور والرقي ومن خلالها و فيها " هكذا تكلم أيمن العتوم "،على لسان " مختبر الساسي" ،ومجموعة " الفضاء المسرحي بالقنيطرة ".
وتعتبر هذه الرواية بعد مسرحتها هي قد تصنف من " المسرح الذهني "!!؟ وكتعريف مبسط للمسرح الذهني " Closet Drama" : " هو مسرح الغرض منه ان يكون مسرحا مقروء فقط وليس قابلا للأداء على خشبة المسرح " وقد ارتبط هذا النوع من المسرح بالكاتب والروائي الكبير الاستاذ: توفيق الحكيم " لكن من خلال مارايناه على خشبة مسرح " دار الشباب رحال المسكيني بالقنيطرة " فهو خروج صريح لنص مسرحي من عمل فكري _ ذهني دقيق وعميق الى تشخيص حاول في إجتهاد وجرأة وذكاء ان يجعلنا نسبح في عوالم " أيمن العتوم "و نخترق هذه العوالم الساحرة لدى"أيمن العتوم "نظرا لمساحة الفكر والزخم الخيالي المركب الذي يكاد يدخلنا في متاهات فكرية_ فكرية و فلسفية محضة لكن المخرج "يوسف الساسي "ومجموعة "الفضاء المسرحي" والذين تتراوح أعمارهم بين تسع سنوات " أمير الساسي" كسن أصغر مشخص الى ما فوق ذلك والذين اشتغلوا على الفكر العميق والوجودي الى خلق وصفة سحرية تبحر بنا بشكل مكثف مع رمزية التعابير وتداخل الصور والإيحاءات المعرفية والعلمية و قد عمد المخرج إلى الإستعانة بشاشة في عمق المسرح وهي كآلية تقنية مصاحبة للوحات المسرحية_ هي الشاشة التي تبت عليها عبارة وردت في كتاب " أيمن العتوم " الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا " والإستعانة بهذه الشاشة وهي تنقلنا عبر تناسق عجيب ومترو يسير مع تطور المسرحية من دون أن يسرع وكذا الإستعانة بالعازفة على " الفيولونسين " الآنسة فاطمة أونضام " والتي كانت نقطة ضوء وسحر في التفاعل مع تطور أحداث المسرحية _ خاصة أن آلة" الفيولونسين "يستمع إليها بالجسد والقلب وهي جد معقدة على مستوى المقامات والتطور الايقاعي في انسجام مع الخط الدرامي الذي وضعه المخرج الأستاذ يوسف الساسي وهي عملت على مرافقة تطور أحداث المسرحية كان ناجحا الى أبعد الحدود 
وقد صاحبت العرض بشكل ذكي جدا وتنقل الممثلين عبر لوحات متتالية وعميقة ومن هنا تم وضع هذه اللوحات في خدمة العمل المسرحي على الرغم من أن " الرواية " عليها تسعة عشر لها ثقل معرفي وقوي يحملك عبر تطور الفكر الإنساني والفلسفي والديني العام لكن " مختبر الساسي" قد كان ناجحا في التنقل عبر فصول الرواية و" مسرحتها من لحظة الموت والأسئلة التي تصاحب الموت والبحث عن معنى للحياة" الفانية" وتطور مصير الإنسان مع الاستمرار في طرح الأسئلة الوجودية عن الموت والحياة و"البرزخ" وهل هذه الحياة الفانية الأولى وان تتمة الحياة تستمر الى مالا نهاية وأسئلة الجنة والنار!؟ والحساب وانين و ضيق وعذاب القبر وهذا العمل قد نجح الى حد كبير وبوسائل ذكية في المرور عبر هذا الزخم الفكري والخيالي بطريقة جد فعالة و خلق لنا ذلك التساؤل العميق عن معنى الوجود لينتقل بنا الى عوالم " أيمن العتوم " الذهنية وشخصت بشكل متقدم اذهب عنها الشق الذهني الجاف وحولت حروف الرواية _ المسرحية الى حياة حقيقية مشخصة بذكاء وهذا يعتبر إنجازا جميلا جدا ومتطورا و متفردا وهو عمل يضع العمل في قمة من قمم الإبداع المسرحي في تجربة فريدة ومتنوعة ؛ وقد كان تسيير الممثلين وتكامل العطاء فيما بينهم بشكل عفوي وعميق ونحن هنا أمام " فرقة الفضاء المسرحي " بقيادة الاستاذ " يوسف الساسي" 
اول فوج من خريجي المعهد العالي للفن الدرامي بالرباط ومن الأوائل على المستوى الوطني والجهوي الذين دعوا إلى " مؤسسة الجمعيات المسرحية في إطار شركات الإنتاج الدرامي " الى جانبه فريق عمل ممن يسكنهم المسرح ويسكنوه الأستاذة فاطمة دويميك _ الاستاذ محمد حيدة _ الاستاذ الموسيقي حسن حدوش _ الأستاذة سناء منيت _ الاستاذ جبور آدريس _ العازفة الآنسة فاطمة أونضام هؤلاء لهم تجربة فنية ومسرحية عمرها فوق تلاثة عقود وهم عندما يشخصون فهم يعملون بذكاء وعمق وإحساس فني درامي عميق وقد تم توظيف هذه الطاقات الى جانب جيل جديد بروح إبداعية عالية وقد شكلوا كلهم نقط ضوء صريحة في التشخيص والتواصل مع سائر الممثلين في إنسجام ودقة التحرك من دون خطأ تقريبا او إرتباك بشكل عفوي كأنما طريقة عمل المخرج الأستاذ: يوسف الساسي أجدها تشبه تماما طريقة عمل الكاتب والمخرج الكبير " عبد القادر البويغرومني " الذي يعهد للممثل بالدور ويتمكن الممثل من فهم دوره ويطلق العنان لخياله وتصوره وبالتالي نجد هذه الحرية لدى الممثلين الذي وضع فيهم الثقة الاستاذ: يوسف الساسي بدون تسلط اي ان الممثل يحس من خلال العمل المسرحي بحريته والقدرة على الإبداع وهذه المجموعة من الشباب هم الآنسة لبنى _الآنسة فاطمة الزهراء _ الطفلة ريم حيدة مويس_ طه حيدة مويس_ أمير الساسي_ محمد الساسي_ الآنسة فاطمة تويمي_ والأستاذ رضوان ،الذي يجب أن نرفع له القبعة لانه ممثل ومهتم بالشأن المسرحي فقد عمل على المشاركة من خلال " كرسيه المتحرك " في واجهة الخشبة وأسهم بهذا التحرك الذكي في إنجاح هذا العمل المسرحي .
كما أن هناك جيش وراء الكواليس كان له الحظ الأوفر في إنجاح هذه المسرحية " تسعة عشر ":عبدو بنطامو،عبد الله الساسي،محمد خليل .
وحقيقة ان " فرقة الفضاء المسرحي بالقنيطرة و" مختبر الساسي " قد حملوا على عاتقهم تكريس تقليد " المسرح هذا المساء مرة في الشهر" وهو عمل جبار على الرغم من ضغوط الإمكانيات والزمن_ مدة الاشتغال على المسرحية حوالي أربعون يوما فقط_ وإنعدام الدعم المالي وضعف القاعة لأن هذه القاعة التي دارت فيها أحداث مسرحية " تسعة عشر " في دار الشباب رحال المسكيني " هي صالحة للتمرين فقط وليس للعرض لإن الشاشة التي وظفت في هذه المسرحية ليس لها كل الشاشة لتضفي على العمل اكثر جمالية وشمولا كما أن سقف الفضاء لم يتمكن من التجاوب مع أحداث المسرحية وتصوير " طائر العنقاء" كما تصوره" أيمن العتوم "و"يوسف الساسي" في المسرحية .
وحقيقة يجب أن نشكر " فرقة الفضاء المسرحي بالقنيطرة " و" مختبر الساسي" على خلق هذا التقليد الثقافي والمسرحي في مدينة تسحرها الثقافة 
وهي في حاجة دائمة إليها،واستمرار هذا العمل على الرغم من العوائق هو شيء جميل ويستحق كل تقدير.
وهنا يجب أن نقول في كلمة الختم ان الشكر موصول لكل من السيد خالد كاشورا مدير دار الشباب الذي هو من يسهم في خلق هذا التقليد الثقافي الى جانب " فرقة الفضاء المسرحي " بدار الشباب رحال المسكيني بالقنيطرة وكذا المصور والمهتم بالثقافة والفكر الاستاذ كمال والشكر موصول لكل الممثلين والأطر القنيطرية المسرحية المتميزة التي شرفت " فرقة الفضاء المسرحي " بالحضور . 
"محمد كمل".
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون