ايام قرطاج المسرحية 2022: المسرحية الكويتية"أناركيا" في قاعة المونديال .
2022 ,10 كانون الأول
 صوت العرب: تونس.
في قاعة المونديال عُرضت مساء الخميس 8 ديسمبر المسرحية الكويتية "أناركيا" ضمن العروض الموازية بالدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية إنتاج فرقة مسرح الخليج العربي كتبت نصها فاطمة العامر وأخرجها محمد الأنصاري.
"أناركيا" بطلها ومحرك أحداثها شيخ وحيد يعيش منعزلا في بناية مهجورة لا يؤنس وحدته سوى مجموعة القطط التي اعتاد إطعامها يوميا، البناية متداعية كذاكرته التي زحف عليها الزهايمر، يعيش صراعات نفسية وتراكمات اجتماعية، يرفض الخروج من بيته ومن وطنه رغم العزلة المقيتة والوحدة القاتلة، وخلال هذا الروتين اليومي يحاول العجوز استرجاع ذاكرته التي تسلل إليها المرض اللعين.
 عجوز منعزل ومحبوس في العتمة ينتظر أملا لا يأتي لترميم ذاكرته وشيئا من روحه ليُبقي على عالمه متماسكا فيما كلّ شيء آيل للانهيار. هناك يستحضر صورة ابنه الشاب الذي هاجر إلى أوروبا حاملا شهادة الهندسة وأملا في حياة أفضل وابنته التي أجبرت على الزواج من صاحب مطعم حوّلها إلى راقصة والأخرى التي فرّت من جحيم العائلة لتتوه في ليالي المدينة الموحشة وابن منحرف امتهن السرقة وتسلّح بالعنف ليقاوم ما يحدث في الخارج.
 شخصياتهم تخرج من البناية المتداعية كمستأجرين بالشقة المجاورة يظهرون ويغيبون في مربّع فولاذي يتّسع ويضيق كذاكرة العجوز/الأب، الذي يعتمد دفترا صغيرا يسجّل على صفحاته تفاصيل يخشى نسيانها خاصة موعد إطعام القطط الذي تشكّل العامل الوحيد الثابت في حياته والمؤشر على وجوده حيّا...
"أناركيا" التي تحوم حول عزلة الكائن وصراعه مع الذاكرة تبسط من خلال الشخوص المحيطة بالشخصية الرئيسية (العجوز) جانبا من الراهن المعيشي اليوم حيث الكلّ يبحث عن مرسى لذاكرته المعطوبة ويهرب باتجاه العدم ليتخلّص من التشوهات التي طالت روحه في صراعه من أجل البقاء... في "أناركيا" تنقسم الشخوص إلى قسمين: قسم ميّت مع وقف التنفيذ ويمثّله العجوز، وقسم هارب من واقعه راميا بنفسه في مطحنة الصراع ويمثّله الأبناء، قسمان يشتركان في العتمة وخواء الروح، الأول تهرب منه ذاكرته ويحاول ترميمها والثاني هارب من ذاكرته باتجاه الخراب... وكلاهما في مربّع فولاذي  ما إن يتسّع حتى يضيق مرة أخرى ليستمر الصراع مع الذات والمحيط حيث لا أحد ينجو في النهاية من "الزهايمر" إما مجبرا... وإما مجبرا.           
 
 
 
 
2023 © جميع الحقوق محفوظة - صوت العرب للسينما والثقافة والفنون